فَصَارَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مُقِيمًا بَطَلَ الْجَمْعُ. وَفِي الثَّانِيَةِ وَبَعْدَهَا لَا يَبْطُلُ فِي الْأَصَحِّ، أَوْ تَأْخِيرًا فَأَقَامَ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا لَمْ يُؤَثِّرْ، وَقَبْلَهُ يَجْعَلُ الْأُولَى قَضَاءً.
وَيَجُوزُ الْجَمْعُ بِالْمَطَرِ تَقْدِيمًا.
ــ
[مغني المحتاج]
الْجَمْعَ (فَصَارَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ) أَوْ فِي الْأُولَى كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ (مُقِيمًا) بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ أَوْ بِانْتِهَاءِ السَّفِينَةِ إلَى الْمَقْصِدِ (بَطَلَ الْجَمْعُ) لِزَوَالِ سَبَبِهِ، فَيَتَعَيَّنُ تَأْخِيرُ الثَّانِيَةِ إلَى وَقْتِهَا. أَمَّا الْأُولَى فَلَا تَتَأَثَّرُ بِذَلِكَ. تَنْبِيهٌ تَعْبِيرُهُ بِقَوْلِهِ جَمْعٍ فِيهِ تَسَاهُلٌ، وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ كَانَ يَجْمَعُ، وَلَوْ شَكَّ فِي صَيْرُورَتِهِ مُقِيمًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ تَيَقُّنِ الْإِقَامَةِ، فَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ فَزَالَ السَّبَبُ لَدَخَلَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ (وَفِي الثَّانِيَةِ وَبَعْدَهَا) لَوْ صَارَ مُقِيمًا (لَا يَبْطُلُ فِي الْأَصَحِّ) لِانْعِقَادِهَا أَوْ تَمَامِهَا قَبْلَ زَوَالِ الْعُذْرِ. وَالثَّانِي: يَبْطُلُ قِيَاسًا فِي الْأُولَى عَلَى الْقَصْرِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْقَصْرَ يُنَافِي الْإِقَامَةَ بِخِلَافِ الْجَمْعِ، وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ إذَا خَرَجَ الْآخِذُ قَبْلَ الْحَوْلِ عَنْ الشَّرْطِ الْمُعْتَبَرِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الرُّخْصَةَ هُنَا قَدْ تَمَّتْ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَصَرَ ثُمَّ طَرَأَتْ الْإِقَامَةُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ، بِخِلَافِ الزَّكَاةِ فَإِنْ أَخَذَهَا قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لَهَا. الْأَمْرُ الثَّانِي مِنْ أَمْرَيْ التَّأْخِيرِ: دَوَامُ سَفَرِهِ إلَى تَمَامِهِمَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ (أَوْ) جَمَعَ (تَأْخِيرًا فَأَقَامَ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا لَمْ يُؤَثِّرْ) ذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ لِتَمَامِ الرُّخْصَةِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ (وَقَبْلَهُ) أَيْ فَرَاغِهِمَا (يَجْعَلُ الْأُولَى قَضَاءً) لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلثَّانِيَةِ فِي الْأَدَاءِ لِلْعُذْرِ وَقَدْ زَالَ قَبْلَ تَمَامِهَا. وَفِي الْمَجْمُوعِ: إذَا أَقَامَ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْأُولَى أَدَاءً بِلَا خِلَافٍ. قَالَ شَيْخُنَا: وَمَا بَحَثَهُ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِهِمْ. قَالَ السُّبْكِيُّ وَتَبِعَهُ الْإِسْنَوِيُّ: وَتَعْلِيلُهُمْ مُنْطَبِقٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْأُولَى فَلَوْ عَكَسَ وَأَقَامَ فِي أَثْنَاءِ الظُّهْرِ فَقَدْ وُجِدَ الْعُذْرُ فِي جَمِيعِ الْمَتْبُوعَةِ وَأَوَّلُ التَّابِعَةِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ أَنَّهَا أَدَاءٌ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْلِيلُهُمْ، وَأَجْرَى الطَّاوُسِيُّ الْكَلَامَ عَلَى إطْلَاقِهِ، فَقَالَ: وَإِنَّمَا اكْتَفَى فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ بِدَوَامِ السَّفَرِ إلَى عَقْدِ الثَّانِيَةِ، وَلَمْ يَكْتَفِ بِهِ فِي جَمِيعِ التَّأْخِيرِ، بَلْ شَرَطَ دَوَامَهُ إلَى تَمَامِهِمَا؛ لِأَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ لَيْسَ وَقْتَ الْعَصْرِ إلَّا فِي السَّفَرِ، وَقَدْ وُجِدَ عِنْدَ عَقْدِ الثَّانِيَةِ فَيَحْصُلُ الْجَمْعُ. وَأَمَّا وَقْتُ الْعَصْرِ فَيَجُوزُ فِيهِ الظُّهْرُ بِعُذْرِ السَّفَرِ وَغَيْرِهِ، فَلَا يَنْصَرِفُ فِيهِ الظُّهْرُ إلَى السَّفَرِ إلَّا إذَا وُجِدَ السَّفَرُ فِيهِمَا، وَإِلَّا جَازَ أَنْ يَنْصَرِفَ إلَيْهِ لِوُقُوعِ بَعْضِهَا فِيهِ وَأَنْ يَنْصَرِفَ إلَى غَيْرِهِ لِوُقُوعِ بَعْضِهِمَا فِي غَيْرِهِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ اهـ وَكَلَامُ الطَّاوُسِيِّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. .
ثُمَّ شَرَعَ فِي الْجَمْعِ بِالْمَطَرِ فَقَالَ: (وَيَجُوزُ الْجَمْعُ) وَلَوْ لِمُقِيمٍ كَمَا يَجْمَعُ بِالسَّفَرِ وَلَوْ جَمَعَهُ مَعَ الْعَصْرِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ فِي مَنْعِهِ ذَلِكَ (بِالْمَطَرِ) وَلَوْ كَانَ ضَعِيفًا بِحَيْثُ يَبُلُّ الثَّوْبَ وَنَحْوَهُ كَثَلْجٍ وَبَرَدٍ ذَائِبِينَ وَشَفَّانٍ كَمَا سَيَأْتِي، (تَقْدِيمًا) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا» . زَادَ مُسْلِمٌ «مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ» . قَالَ الشَّافِعِيُّ كَمَالِكٍ: أَرَى ذَلِكَ بِعُذْرِ الْمَطَرِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهَذَا التَّأْوِيلُ مَرْدُودٌ بِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute