وَفِي الْقَدِيمِ لَا يَنْجُسُ بِلَا تَغَيُّرٍ، وَالْقُلَّتَانِ خَمْسُمِائِةِ رِطْلٍ بَغْدَادِيٍّ
تَقْرِيبًا فِي الْأَصَحِّ
ــ
[مغني المحتاج]
امْتِدَادُهُ إلَّا أَنْ يَتَرَادَّ أَوْ يَجْتَمِعَ فِي نَحْوِ حُفْرَةٍ، وَعَلَيْهِ يُقَالُ لَنَا مَاءٌ هُوَ أَلْفُ قُلَّةٍ يَنْجُسُ بِلَا تَغَيُّرٍ، وَالْجَرْيَةُ الَّتِي تَعْقُبُ جَرْيَةَ النَّجَسِ الْجَارِي تَغْسِلُ الْمَحَلَّ فَلَهَا حُكْمُ الْغُسَالَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ مِنْ كَلْبٍ فَلَا بُدَّ مِنْ سَبْعِ جَرْيَاتٍ مَعَ كُدُورَةِ الْمَاءِ بِالتُّرَابِ الطَّهُورِ فِي إحْدَاهُنَّ، وَيُعْرَفُ كَوْنُ الْجَرْيَةِ قُلَّتَيْنِ بِأَنْ تُمْسَحَا وَيُجْعَلَ الْحَاصِلُ مِيزَانًا ثُمَّ يُؤْخَذُ قَدْرُ عُمْقِ الْجَرْيَةِ وَيُضْرَبُ فِي قَدْرِ طُولِهَا ثُمَّ الْحَاصِلُ فِي قَدْرِ عَرْضِهَا بَعْدَ بَسْطِ الْأَقْدَارِ مِنْ مَخْرَجِ الرُّبْعِ لِوُجُودِهِ فِي مِقْدَارِ الْقُلَّتَيْنِ فِي الْمُرَبَّعِ فَمَسْحُ الْقُلَّتَيْنِ بِأَنْ تَضْرِبَ ذِرَاعًا وَرُبْعًا طُولًا فِي مِثْلِهِمَا عَرْضًا فِي مِثْلِهِمَا عُمْقًا يَحْصُلَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَهِيَ الْمِيزَانُ. أَمَّا إذَا كَانَ أَمَامَ الْجَارِي ارْتِفَاعٌ يَرُدُّهُ فَلَهُ حُكْمُ الرَّاكِدِ (وَفِي الْقَدِيمِ لَا يَنْجُسُ) الْقَلِيلُ مِنْهُ (بِلَا تَغَيُّرٍ) لِقُوَّةِ الْجَارِي، وَلِأَنَّ الْأَوَّلِينَ كَانُوا يَسْتَنْجُونَ عَلَى شُطُوطِ الْأَنْهَارِ الصَّغِيرَةِ ثُمَّ يَتَوَضَّئُونَ مِنْهَا وَلَا يَنْفَكُّ عَنْ رَشَاشِ النَّجَاسَةِ غَالِبًا، وَعَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْجَارِيَ وَارِدٌ عَلَى النَّجَاسَةِ فَلَا يَنْجُسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ كَالْمَاءِ الَّذِي تُزَالُ بِهِ النَّجَاسَةُ، وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا غَيْرَ طَهُورٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا (وَالْقُلَّتَانِ) بِالْوَزْنِ (خَمْسُمِائِةِ رِطْلٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا (بَغْدَادِيٍّ) أَخَذًا مِنْ رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرِهِ
إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ بِقِلَالِ هَجَرَ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ وَالْقُلَّةُ فِي اللُّغَةِ الْجَرَّةُ الْعَظِيمَةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ الْعَظِيمَ يُقِلُّهَا بِيَدَيْهِ أَيْ يَرْفَعُهَا، وَهَجَرُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالْجِيمِ قَرْيَةٌ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ تُجْلَبُ مِنْهَا الْقِلَالُ، وَقِيلَ: هِيَ بِالْبَحْرَيْنِ. قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ. قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَهُوَ الْأَشْبَهُ، ثُمَّ رُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ قِلَالَ هَجَرَ فَإِذَا الْقُلَّةُ مِنْهَا تَسَعُ قِرْبَتَيْنِ أَوْ قِرْبَتَيْنِ وَشَيْئًا: أَيْ مِنْ قِرَبِ الْحِجَازِ، فَاحْتَاطَ الشَّافِعِيُّ فَحَسَبَ الشَّيْءَ نِصْفًا؛ إذْ لَوْ كَانَ فَوْقَهُ لَقَالَ تَسَعُ ثَلَاثَ قِرَبٍ إلَّا شَيْئًا عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فَتَكُونُ الْقُلَّتَانِ خَمْسَ قِرَبٍ، وَالْغَالِبُ أَنَّ الْقِرْبَةَ لَا تَزِيدُ عَلَى مِائَةِ رِطْلٍ بَغْدَادِيٍّ، وَهُوَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ فِي الْأَصَحِّ فَالْمَجْمُوعُ بِهِ خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ (تَقْرِيبًا فِي الْأَصَحِّ) قَدَّمَ تَقْرِيبًا عَكْسُ الْمُحَرَّرِ لِيَشْمَلَهُ وَمَا قَبْلَهُ التَّصْحِيحُ فَيُعْفَى عَنْ نَقْصِ رِطْلٍ وَرِطْلَيْنِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَصَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ نَقْصُ قَدْرٍ لَا يَظْهَرُ بِنَقْصِهِ تَفَاوُتٌ فِي التَّغَيُّرِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُغَيِّرَةِ كَأَنْ تَأْخُذَ إنَاءَيْنِ فِي وَاحِدٍ قُلَّتَانِ، وَفِي الْآخَرِ دُونَهُمَا، ثُمَّ تَضَعَ فِي أَحَدِهِمَا قَدْرًا مِنْ الْمُغَيِّرِ وَتَضَعَ فِي الْآخَرِ قَدْرَهُ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فِي التَّغَيُّرِ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ، وَإِلَّا ضَرَّ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ الْأَوَّلِ لِضَبْطِهِ، وَالْمُقَابِلُ فِي قَدْرِهِمَا مَا قِيلَ إنَّهُمَا أَلْفُ رِطْلٍ؛ لِأَنَّ الْقِرْبَةَ قَدْ تَسَعُ مِائَتَيْ رِطْلٍ، وَقِيلَ: هُمَا سِتُّمِائَةِ رِطْلٍ؛ لِأَنَّ الْقُلَّةَ مَا يُقِلُّهُ الْبَعِيرُ وَيَحْمِلُهُ، وَبَعِيرُ الْعَرَبِ لَا يَحْمِلُ غَالِبًا أَكْثَرَ مِنْ وَسْقٍ، وَهُوَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ، يُحَطُّ عِشْرُونَ لِلظَّرْفِ وَالْحَبْلِ. وَالْعَدَدُ عَلَى الثَّلَاثَةِ قِيلَ تَحْدِيدٌ فَيَضُرُّ نَقْصُ أَيِّ شَيْءٍ نَقَصَ. فَإِنْ قِيلَ عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَرْجِعُ الْقُلَّتَانِ أَيْضًا إلَى التَّحْدِيدِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ نَقْصُ مَا زَادَ عَلَى الرِّطْلَيْنِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا تَحْدِيدُ غَيْرِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَبِالْمِسَاحَةِ فِي الْمُرَبَّعِ كَمَا تَقَدَّمَ ذِرَاعٌ وَرُبْعٌ طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا، وَفِي الْمُدَوَّرِ ذِرَاعَانِ طُولًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute