وَمَنْ زُوحِمَ عَنْ السُّجُودِ فَأَمْكَنَهُ عَلَى إنْسَانٍ فَعَلَ، وَإِلَّا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُنْتَظَرُ، وَلَا يُومِئُ بِهِ ثَمَّ
إنْ تَمَكَّنَ قَبْلَ رُكُوعِ إمَامِهِ سَجَدَ، فَإِنْ رَفَعَ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ قَرَأَ، أَوْ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ فَالْأَصَحُّ يَرْكَعُ، وَهُوَ كَمَسْبُوقٍ، فَإِنْ كَانَ إمَامُهُ فَرَغَ مِنْ الرُّكُوعِ
ــ
[مغني المحتاج]
مِنْ أَهْلِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ.
(وَمَنْ زُوحِمَ) أَيْ مَنَعَهُ الزِّحَامُ (عَنْ السُّجُودِ) عَلَى أَرْضٍ أَوْ نَحْوِهَا مَعَ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ (فَأَمْكَنَهُ) السُّجُودُ مُنَكَّسًا (عَلَى) شَيْءٍ مِنْ (إنْسَانٍ) أَوْ مَتَاعٍ أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (فَعَلَ) ذَلِكَ وُجُوبًا، لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " إذَا اشْتَدَّ الزِّحَامُ فَلْيَسْجُدْ أَحَدُكُمْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ " رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَا يَحْتَاجُ هُنَا إلَى إذْنِهِ لِأَنَّ الْأَمْرَ فِيهَا يَسِيرٌ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ وَلِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ سُجُودٍ يُجْزِئُهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ كَانَ مُتَخَلِّفًا بِغَيْرِ عُذْرٍ وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ. تَنْبِيهٌ قَدْ عَبَّرَ فِي التَّنْبِيهِ بِظَهْرِ إنْسَانٍ وَاعْتَرَضَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّحْرِيرِ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ حَذَفَ لَفْظَ إنْسَانٍ لَعَمَّ وَقَدْ وَقَعَ هُوَ فِيهِ هُنَا، فَلَوْ قَالَ عَلَى شَيْءٍ كَمَا قَدَّرْته لَعَمَّ، وَالْمُزَاحَمَةُ تَجْرِي فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ مِنْ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ، وَذُكِرَتْ هُنَا؛ لِأَنَّ الزِّحَامَ فِيهَا أَغْلَبُ، وَلِأَنَّ تَفَارِيعَهَا مُتَشَعِّبَةٌ مُشْكِلَةٌ لِكَوْنِهَا لَا تُدْرَكُ إلَّا بِرَكْعَةٍ مُنْتَظِمَةٍ أَوْ مُلَفَّقَةٍ عَلَى خِلَافٍ يَأْتِي، وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ: لَيْسَ فِي الزَّمَانِ مَنْ يُحِيطُ بِأَطْرَافِهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ السُّجُودُ كَمَا ذُكِرَ (فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُنْتَظَرُ) تَمَكُّنَهُ مِنْهُ (وَلَا يُومِئُ بِهِ) لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: يُومِئُ أَقْصَى مَا يُمْكِنُهُ كَالْمَرِيضِ لِمَكَانِ الْعُذْرِ.
وَالثَّالِثُ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ وُجُوبَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ قَدْ عَارَضَهُ وُجُوبُ الْمُتَابَعَةِ، وَمُقْتَضَى الْمَتْنِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ إخْرَاجُ نَفْسِهِ مِنْ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْجُمُعَةِ قَصْدًا مَعَ تَوَقُّعِ إدْرَاكِهَا لَا وِجْهَةَ لَهُ، كَذَا نَقَلَاهُ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّاهُ، وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، وَإِذَا جَوَّزْنَا لَهُ الْخُرُوجَ وَأَرَادَ أَنْ يُتِمَّهَا ظُهْرًا فَهَلْ تَصِحُّ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ فِيمَنْ يُحْرِمُ بِالظُّهْرِ قَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ وَالْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ. أَمَّا الزِّحَامُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْجُمُعَةِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ بَلْ يَسْجُدُ مَتَى تَمَكَّنَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهُ. نَعَمْ إنْ كَانَ مَسْبُوقًا لَحِقَهُ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنْ تَمَكَّنَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَسَجَدَ السَّجْدَتَيْنِ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي (ثُمَّ) عَلَى الصَّحِيحِ.
(إنْ تَمَكَّنَ) مِنْ السُّجُودِ (قَبْلَ رُكُوعِ إمَامِهِ) فِي الثَّانِيَةِ (سَجَدَ) وُجُوبًا تَدَارُكًا لَهُ عِنْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ فَإِنْ رَفَعَ مِنْ السُّجُودِ (وَالْإِمَامُ) بَعْدُ (قَائِمٌ قَرَأَ) مَا أَمْكَنَهُ، فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ فَهُوَ كَمَسْبُوقٍ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنْ رَكَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ إتْمَامِهِ الْفَاتِحَةَ رَكَعَ مَعَهُ، وَلَا يَضُرُّ التَّخَلُّفُ الْمَاضِي لِأَنَّهُ تَخَلُّفٌ بِعُذْرٍ (أَوْ) رَفَعَ مِنْ السُّجُودِ (وَالْإِمَامُ) بَعْدُ (رَاكِعٌ، فَالْأَصَحُّ يَرْكَعُ) مَعَهُ (وَهُوَ كَمَسْبُوقٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَحَلَّ الْقِرَاءَةِ، وَالثَّانِي: لَا يَرْكَعُ مَعَهُ لِأَنَّهُ مُؤْتَمٌّ بِهِ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ بَلْ تَلْزَمُهُ الْقِرَاءَةُ وَيَسْعَى وَرَاءَ الْإِمَامِ وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ بِعُذْرٍ (فَإِنْ كَانَ إمَامُهُ فَرَغَ مِنْ الرُّكُوعِ) فِي الثَّانِيَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute