أَصْلُ التَّرِكَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، مِنْ قَرِيبٍ وَسَيِّدٍ: وَكَذَا الزَّوْجُ فِي الْأَصَحِّ، وَيُبْسَطُ أَحْسَنُ اللَّفَائِفِ، وَأَوْسَعُهَا، وَالثَّانِيَةُ فَوْقَهَا وَكَذَا الثَّالِثَةُ، وَيُذَرُّ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ حَنُوطٌ
ــ
[مغني المحتاج]
كَبَقِيَّةِ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ (أَصْلُ التَّرِكَةِ) كَمَا سَيَأْتِي أَوَّلَ الْفَرَائِضِ أَنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِمُؤَنِ تَجْهِيزِهِ إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ حَقٌّ فَيُقَدَّمَ عَلَيْهَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْأَصْلِ مَنْ لِزَوْجِهَا مَالٌ وَيَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا فَكَفَنُهَا عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ الْآتِي.
وَلَوْ قَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ: أُكَفِّنُهُ مِنْ مَالِي، وَقَالَ الْبَعْضُ: مِنْ التَّرِكَةِ. كُفِّنَ مِنْهَا دَفْعًا لِلْمِنَّةِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لِلْمَيِّتِ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ تَرِكَةٌ فَعَلَى (مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ مِنْ قَرِيبٍ) أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ، صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ لِعَجْزِهِ بِالْمَوْتِ (وَسَيِّدٍ) فِي رَقِيقِهِ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَأُمَّ وَلَدٍ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْحَيَاةِ فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ وَلِانْفِسَاخِ الْكِتَابَةِ بِمَوْتِ الْمُكَاتَبِ (وَكَذَا) مَحَلُّ الْكَفَنِ أَيْضًا (الزَّوْجُ) الْمُوسِرُ الَّذِي يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا فَعَلَيْهِ تَكْفِينُ زَوْجَتِهِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً مَعَ مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهَا وَتَجْهِيزِ خَادِمِهَا (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا فِي نَفَقَتِهِ فِي الْحَيَاةِ فَأَشْبَهَ الْقَرِيبَ وَالسَّيِّدَ سَوَاءٌ أَكَانَتْ زَوْجَتُهُ مُوسِرَةً أَمْ لَا، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ جُمْلَةَ وَكَذَا الزَّوْجُ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَمَحَلُّهُ أَصْلُ التَّرِكَةِ، فَسَقَطَ بِذَلِكَ مَا قِيلَ إنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَنَّ وُجُوبَ الْكَفَنِ عَلَى الزَّوْجِ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجَةِ تَرِكَةٌ، وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَالثَّانِي: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ التَّمْكِينِ الْمُقَابِلِ لِلنَّفَقَةِ، وَلَوْ مَاتَتْ الْبَائِنُ الْحَامِلُ فَنَقَلَ الرُّويَانِيُّ وُجُوبَ التَّكْفِينِ عَلَى الزَّوْجِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ لَهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ فَإِنْ قُلْنَا لِلْحَمْلِ فَلَا، أَمَّا مَنْ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا فِي حَالِ حَيَاتِهَا كَصَغِيرَةٍ وَنَاشِزَةٍ فَمَا ذُكِرَ فِي تَرِكَتِهَا، وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ مَالٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَا يَفِي بِذَلِكَ كُمِّلَ مِنْ مَالِهَا، وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُوسِرُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ كَانَ غَائِبًا فَجَهَّزَ الزَّوْجَةَ الْوَرَثَةُ مِنْ مَالِهَا أَوْ غَيْرِهِ رَجَعُوا عَلَيْهِ بِذَلِكَ إنْ فَعَلُوهُ بِإِذْنِ حَاكِمٍ يَرَاهُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ مَاتَتْ زَوْجَاتُهُ دُفْعَةً بِنَحْوِ هَدْمٍ وَلَمْ يَجِدْ إلَّا كَفَنًا فَهَلْ يُقْرَعُ بَيْنَهُنَّ أَوْ تُقَدَّمُ الْمُعْسِرَةُ، أَوْ مَنْ يُخْشَى فَسَادُهَا، أَوْ مُتْنَ مُرَتَّبًا هَلْ تُقَدَّمُ الْأُولَى أَوْ الْمُعْسِرَةُ أَوْ يُقْرَعُ؟ احْتِمَالَاتٌ أَقْرَبُهَا أَوَّلُهَا فِيهِمَا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ، وَلَا كَانَ لَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَمُؤَنُ تَجْهِيزِهِ مِنْ كَفَنٍ وَغَيْرِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَنَفَقَتِهِ فِي الْحَيَاةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَا يُشْتَرَطُ وُقُوعُ التَّكْفِينِ مِنْ مُكَلَّفٍ حَتَّى لَوْ كَفَّنَهُ غَيْرُهُ حَصَلَ التَّكْفِينُ لِوُجُودِ الْمَقْصُودِ، وَفِيهِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَغَيْرِهِ: وَلَوْ مَاتَ إنْسَانٌ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُكَفَّنُ بِهِ إلَّا ثَوْبٌ مَعَ مَالِكٍ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لَزِمَهُ بَذْلُهُ بِالْقِيمَةِ كَالطَّعَامِ لِلْمُضْطَرِّ، زَادَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَمَجَّانًا؛ لِأَنَّ تَكْفِينَهُ لَازِمٌ لِلْأُمَّةِ وَلَا بَدَلَ يُصَارُ إلَيْهِ (وَ) إذَا وَقَعَ التَّكْفِينُ فِي اللَّفَائِفِ الثَّلَاثِ وَوَقَعَ فِيهَا تَفَاوُتٌ (يُبْسَطُ) أَوَّلًا (أَحْسَنُ اللَّفَائِفِ وَأَوْسَعُهَا) وَأَطْوَلُهَا (وَالثَّانِيَةُ) وَهِيَ الَّتِي تَلِي الْأُولَى فِي ذَلِكَ (فَوْقَهَا وَكَذَا الثَّالِثَةُ) فَوْقَ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْحَيَّ يَجْعَلُ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ أَعْلَاهَا، فَلِهَذَا بُسِطَ الْأَحْسَنُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَعْلُو عَلَى كُلِّ الْكَفَنِ.
وَأَمَّا كَوْنُهُ أَوْسَعَ فَلِإِمْكَانِ لَفِّهِ عَلَى الضَّيِّقِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ (وَيَذَرُ) بِالْمُعْجَمَةِ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ (عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ) مِنْ اللَّفَائِفِ قَبْلَ وَضْعِ الْأُخْرَى (حَنُوطٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَيُقَالُ لَهُ الْحِنَاطُ بِكَسْرِهَا، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute