وَتَحْرُمُ عَلَى الْكَافِرِ، وَلَا يَجِبُ غُسْلُهُ، وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ تَكْفِينِ الذِّمِّيِّ وَدَفْنِهِ
وَلَوْ وُجِدَ عُضْوُ مُسْلِمٍ عُلِمَ مَوْتُهُ صُلِّيَ عَلَيْهِ
ــ
[مغني المحتاج]
نَعَمْ إنْ خَشِيَ تَغَيُّرًا أَوْ انْفِجَارًا بِالتَّأْخِيرِ فَالْأَفْضَلُ الْجَمْعُ.
(وَتَحْرُمُ) الصَّلَاةُ (عَلَى الْكَافِرِ) حَرْبِيًّا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: ٨٤] [التَّوْبَةَ] ؛ وَلِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: ٤٨] [النِّسَاءَ] (وَلَا يَجِبُ غُسْلُهُ) عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ كَرَامَةٌ وَتَطْهِيرٌ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهِمَا لَكِنَّهُ يَجُوزُ «؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ عَلِيًّا فَغَسَّلَ وَالِدَهُ وَكَفَّنَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، وَسَوَاءٌ فِي الْجَوَازِ الْقَرِيبُ وَغَيْرُهُ وَالْمُسْلِمُ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ: لَيْسَ لِلْمُسْلِمِ غُسْلُهُ (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ تَكْفِينِ الذِّمِّيِّ وَدَفْنِهِ) مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ فُقِدَ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ، هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَفَاءً بِذِمَّتِهِ كَمَا يَجِبُ أَنْ يُطْعَمَ وَيُكْسَى فِي حَيَاتِهِ إذَا عَجَزَ.
أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ فَهُوَ فِي تَرِكَتِهِ أَوْ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَعَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: لَا؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ قَدْ انْتَهَتْ بِالْمَوْتِ، وَخَرَجَ بِالذِّمِّيِّ الْحَرْبِيُّ فَلَا يَجِبُ تَكْفِينُهُ قَطْعًا وَلَا دَفْنُهُ عَلَى الْأَصَحِّ، بَلْ يَجُوزُ إغْرَاءُ الْكِلَابِ عَلَيْهِ، إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُ، وَالْأَوْلَى دَفْنُهُ لِئَلَّا يَتَأَذَّى النَّاسُ بِرَائِحَتِهِ، وَالْمُرْتَدُّ كَالْحَرْبِيِّ، وَالْمُعَاهَدُ كَالذِّمِّيِّ وَفَاءً بِعَهْدِهِ وَإِنْ أَشْعَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ كَالْحَرْبِيِّ.
(وَلَوْ وُجِدَ عُضْوُ مُسْلِمٍ عُلِمَ مَوْتُهُ) بِغَيْرِ شَهَادَةٍ، وَلَوْ كَانَ الْجُزْءُ ظُفْرًا أَوْ شَعْرًا (صُلِّيَ عَلَيْهِ) بِقَصْدِ الْجُمْلَةِ بَعْدَ غُسْلِهِ وُجُوبًا كَالْمَيِّتِ الْحَاضِرِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ صَلَاةٌ عَلَى غَائِبٍ. نَعَمْ مَنْ صَلَّى عَلَى هَذَا الْمَيِّتِ دُونَ هَذَا الْعُضْوِ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَى الْعُضْوِ وَحْدَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ شُهْبَةَ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مَحَلُّ نِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجُمْلَةِ إذَا عُلِمَ أَنَّهَا قَدْ غُسِّلَتْ، فَإِنْ لَمْ تُغَسَّلْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَى الْعُضْوِ فَقَطْ اهـ.
فَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ قَدْ غُسِّلَتْ، وَلَا يَضُرُّ التَّعْلِيقُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَقْدَحُ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ غَيْبَةٌ بَاقِيَةٌ، فَقَدْ صَلَّى الصَّحَابَةُ عَلَى يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ، وَقَدْ أَلْقَاهَا طَائِرٌ نَسْرٌ فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ وَعَرَفُوهَا بِخَاتَمِهِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا. وَيُشْتَرَطُ انْفِصَالُهُ مِنْ مَيِّتٍ لِيَخْرُجَ الْمُنْفَصِلُ مِنْ حَيٍّ كَمَا سَيَأْتِي كَأُذُنِهِ الْمُلْتَصِقَةِ إذَا وُجِدَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. نَعَمْ إنْ أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَمَاتَ فِي الْحَالِ فَحُكْمُ الْكُلِّ وَاحِدٌ يَجِبُ غُسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ بَعْدَ مُدَّةٍ، سَوَاءٌ انْدَمَلَتْ جِرَاحَتُهُ أَمْ لَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْجُزْءِ الشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةُ فَلَا تُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا لَا حُرْمَةَ لَهَا كَمَا نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ وَأَقَرَّهُ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: الْأَوْجَهُ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا، وَيَجِبُ مُوَارَاةُ ذَلِكَ الْجُزْءِ بِخِرْقَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْعَوْرَةِ، وَلَوْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ سَتْرَ جَمِيعِ الْبَدَنِ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ كَمَا مَرَّ. فَمَنْ قَالَ: إنَّمَا يَجِبُ سَتْرُهُ إذَا كَانَ مِنْ الْعَوْرَةِ غَفْلَةٌ مِنْهُ بَلْ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ إنَّمَا يَقُولُ بِهِ إذَا أَوْصَى بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ فَقَطْ، وَهُنَا لَمْ يُوصِ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّا قَدَّمْنَا أَنَّ وَصِيَّتَهُ بِذَلِكَ لَا تُنَفَّذُ، وَيَجِبُ دَفْنُهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ كَالْمَيِّتِ الْحَاضِرِ.
أَمَّا مَا انْفَصَلَ مِنْ حَيٍّ أَوْ شَكَكْنَا فِي مَوْتِهِ كَيَدِ سَارِقٍ وَظُفْرٍ وَشَعْرٍ وَعَلَقَةٍ وَدَمٍ فَصْدٍ وَنَحْوِهِ فَيُسَنُّ دَفْنُهُ إكْرَامًا لِصَاحِبِهَا. وَيُسَنُّ لَفُّ الْيَدِ وَنَحْوهَا بِخِرْقَةٍ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute