وَيُوضَعُ عَلَيْهِ حَصًى، وَعِنْدَ رَأْسِهِ حَجَرٌ أَوْ خَشَبَةٌ.
وَجَمْعُ الْأَقَارِبِ فِي مَوْضِعٍ.
وَزِيَارَةُ الْقُبُورِ لِلرِّجَالِ،
ــ
[مغني المحتاج]
فَفِي غَايَةِ الْبُعْدِ، وَخَرَجَ بِالْمَاءِ مَاءُ الْوَرْدِ فَالرَّشُّ بِهِ مَكْرُوهٌ كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَوْ قِيلَ بِتَحْرِيمِهِ لَمْ يَبْعُدْ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: لَا بَأْسَ بِالْيَسِيرِ مِنْهُ إذَا قُصِدَ بِهِ حُضُورُ الْمَلَائِكَةِ؛ لِأَنَّهَا تُحِبُّ الرَّائِحَةَ الطَّيِّبَةَ. وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ مَانِعُ الْحُرْمَةِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ، وَيُكْرَهُ أَيْضًا أَنْ يُطْلَى بِالْخَلُوقِ (وَيُوضَعُ عَلَيْهِ حَصًى) لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ مُرْسَلًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَعَهُ عَلَى قَبْرِ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ» .
وَرُوِيَ «أَنَّهُ رَأَى عَلَى قَبْرِهِ فُرْجَةً فَأَمَرَ بِهَا فَسُدَّتْ وَقَالَ: إنَّهَا لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَإِنَّ الْعَبْدَ إذَا عَمِلَ شَيْئًا أَحَبَّ اللَّهُ مِنْهُ أَنْ يُتْقِنَهُ» وَيُسَنُّ أَيْضًا وَضْعُ الْجَرِيدِ الْأَخْضَرِ عَلَى الْقَبْرِ وَكَذَا الرَّيْحَانُ وَنَحْوُهُ مِنْ الشَّيْءِ الرَّطْبِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْغَيْرِ أَخْذُهُ مِنْ عَلَى الْقَبْرِ قَبْلَ يُبْسِهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ لَمْ يُعْرِضْ عَنْهُ إلَّا عِنْدَ يُبْسِهِ لِزَوَالِ نَفْعِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَقْتَ رُطُوبَتِهِ وَهُوَ الِاسْتِغْفَارُ (وَ) أَنْ يُوضَعَ (عِنْدَ رَأْسِهِ حَجَرٌ أَوْ خَشَبَةٌ) أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَعَ عِنْدَ رَأْسِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ صَخْرَةً وَقَالَ: أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي لِأَدْفِنَ إلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَعَنْ الْمَاوَرْدِيُّ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ عِنْدَ رِجْلَيْهِ أَيْضًا.
(وَ) يُنْدَبُ (جَمْعُ الْأَقَارِبِ) لِلْمَيِّتِ (فِي مَوْضِعٍ) وَاحِدٍ مِنْ الْمَقْبَرَةِ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى الزَّائِرِ. قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: وَيُسَنُّ أَنْ يُقَدَّمَ الْأَبُ إلَى الْقِبْلَةِ، ثُمَّ الْأَسَنُّ فَالْأَسَنُّ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ فِيمَا إذَا دُفِنُوا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ كَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ، وَيُتَّجَهُ كَمَا قَالَ الدَّمِيرِيُّ: إلْحَاقُ الزَّوْجَيْنِ وَالْعُتَقَاءِ وَالْأَصْدِقَاءِ بِالْأَقَارِبِ.
(وَ) يُنْدَبُ (زِيَارَةُ الْقُبُورِ) الَّتِي فِيهَا الْمُسْلِمُونَ (لِلرِّجَالِ) بِالْإِجْمَاعِ، وَكَانَتْ زِيَارَتُهَا مَنْهِيًّا عَنْهَا، ثُمَّ نُسِخَتْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا» ، وَلَا تَدْخُلُ النِّسَاءُ فِي ضَمِيرِ الرِّجَالِ عَلَى الْمُخْتَارِ، «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْرُجُ إلَى الْبَقِيعِ، فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا بِكُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَاحِقُونَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ» وَرُوِيَ «فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْمَوْتَ» وَإِنَّمَا نَهَاهُمْ أَوَّلًا لِقُرْبِ عَهْدِهِمْ بِالْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا اسْتَقَرَّتْ قَوَاعِدُ الْإِسْلَامِ وَاشْتَهَرَتْ أَمَرَهُمْ بِهَا، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ مَا حَاصِلُهُ: أَنَّهُ مَنْ كَانَ يُسْتَحَبُّ لَهُ زِيَارَتُهُ فِي حَيَاتِهِ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ صَاحِبٍ، فَيُسَنُّ لَهُ زِيَارَتُهُ فِي الْمَوْتِ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَيُسَنُّ لَهُ زِيَارَتُهُ إنْ قُصِدَ بِهَا تَذَكُّرُ الْمَوْتِ أَوْ التَّرَحُّمُ عَلَيْهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ، وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ نَحْوَهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَشْبَهُ أَنَّ مَوْضِعَ النَّدْبِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ سَفَرٌ لِزِيَارَةِ الْقُبُورِ فَقَطْ، بَلْ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّفَرُ لِذَلِكَ، وَاسْتُثْنِيَ قَبْرُ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ: أَيْ فَيُكْرَهُ، وَيُسَنُّ الْوُضُوءُ لِزِيَارَةِ الْقُبُورِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي شَرْحِ الْفُرُوعِ.
أَمَّا قُبُورُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute