إلَّا بِرِضَا الْمَالِكِ.
وَلَوْ اشْتَرَكَ أَهْلُ الزَّكَاةِ فِي مَاشِيَةٍ زَكَّيَا كَرَجُلٍ، وَكَذَا لَوْ خَلَطَا مُجَاوَرَةً بِشَرْطِ أَنْ لَا تَتَمَيَّزَ، فِي الْمَشْرَبِ وَالْمَسْرَحِ وَالْمُرَاحِ وَمَوْضِعِ الْحَلْبِ،
ــ
[مغني المحتاج]
التَّقْرِيبِ وَاسْتَحْسَنَهُ (إلَّا بِرِضَا الْمَالِكِ) فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالزِّيَادَةِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: ٩١] .
ثُمَّ شَرَعَ فِي زَكَاةِ الْخُلْطَةِ، وَهِيَ نَوْعَانِ: الْأَوَّلُ خُلْطَةُ شَرِكَةٍ وَتُسَمَّى خُلْطَةَ أَعْيَانٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ عَيْنٍ مُشْتَرَكَةٌ، وَخُلْطَةُ شُيُوعٍ، وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ اشْتَرَكَ أَهْلُ الزَّكَاةِ) كَاثْنَيْنِ (فِي مَاشِيَةٍ) مِنْ جِنْسٍ بِإِرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَهِيَ نِصَابٌ أَوْ أَقَلُّ وَلِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ فَأَكْثَرُ وَدَامَا عَلَى ذَلِكَ (زَكَّيَا كَرَجُلٍ) وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ خُلْطَةَ الْجِوَارِ تُفِيدُ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي، فَخُلْطَةُ الْأَعْيَانِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَهَذِهِ الشَّرِكَةُ قَدْ تُفِيدُهُمَا تَخْفِيفًا كَالِاشْتِرَاكِ فِي ثَمَانِينَ عَلَى السَّوَاءِ، أَوْ تَثْقِيلًا كَالِاشْتِرَاكِ فِي أَرْبَعِينَ أَوْ تَخْفِيفًا عَلَى أَحَدِهِمَا وَتَثْقِيلًا عَلَى الْآخَرِ كَأَنْ مَلَكَا سِتِّينَ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَاهَا وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهَا. وَقَدْ لَا تُفِيدُ تَخْفِيفًا وَلَا تَثْقِيلًا كَمِائَتَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ، وَتَأْتِي الْأَقْسَامُ فِي خُلْطَةِ الْجِوَارِ أَيْضًا، وَقَدْ شَرَعَ فِيهَا وَهِيَ النَّوْعُ الثَّانِي فَقَالَ (وَكَذَا لَوْ خَلَطَا مُجَاوَرَةً) وَهُوَ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ أَنَسٍ كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ» نَهَى الْمَالِكَ عَنْ التَّفْرِيقِ وَعَنْ الْجَمْعِ خَشْيَةَ وُجُوبِهَا أَوْ كَثْرَتِهَا، وَنَهَى السَّاعِيَ عَنْهَا خَشْيَةَ سُقُوطِهَا أَوْ قِلَّتِهَا، وَالْخَبَرُ ظَاهِرٌ فِي خُلْطَةِ الْجِوَارِ، وَمِثْلُهَا خُلْطَةُ الشُّيُوعِ، بَلْ أَوْلَى، وَيُسَمَّى هَذَا النَّوْعُ خُلْطَةَ جِوَارٍ، وَخُلْطَةَ أَوْصَافٍ.
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: أَهْلُ الزَّكَاةِ قَيْدٌ فِي الْخُلْطَتَيْنِ، فَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ مَوْقُوفًا أَوْ لِذِمِّيٍّ أَوْ مُكَاتَبٍ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ لَمْ تُؤَثِّرْ الْخُلْطَةُ شَيْئًا، بَلْ يُعْتَبَرُ نَصِيبُ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ إنْ بَلَغَ نِصَابَ زَكَاةٍ زَكَاةَ الْمُنْفَرِدِ وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ، وَقَدْ أَهْمَلَ الْمُصَنِّفُ ثَلَاثَةَ شُرُوطٍ قَدَّرْتُهَا فِي كَلَامِهِ: الْأَوَّلُ: كَوْنُ الْمَالَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِد لَا غَنَمَ مَعَ بَقَرَةٍ. الثَّانِي: كَوْنُ مَجْمُوعِ الْمَالَيْنِ نِصَابًا فَأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ وَلِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ فَأَكْثَرُ، فَلَوْ مَلَكَ كُلٌّ مِنْهُمَا عِشْرِينَ مِنْ الْغَنَمِ، فَخَلَطَا تِسْعَةَ عَشَرَ بِمِثْلِهَا وَتَرَكَا شَاتَيْنِ مُنْفَرِدَتَيْنِ فَلَا خُلْطَةَ وَلَا زَكَاةَ. الثَّالِثُ: دَوَامُ الْخُلْطَةِ سَنَةً إنْ كَانَ الْمَالُ حَوْلِيًّا، فَلَوْ مَلَكَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَرْبَعِينَ شَاةً فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ وَخَلَطَا فِي أَوَّلِ صَفَرٍ، فَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا خُلْطَةَ فِي الْحَوْلِ، بَلْ إذَا جَاءَ الْمُحَرَّمُ وَجَبَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا شَاةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَوْلِيًّا اُشْتُرِطَ بَقَاؤُهَا إلَى زَهْوِ الثَّمَرِ وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ فِي النَّبَاتِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي شَرِكَةِ الْمُجَاوَرَةِ (بِشَرْطِ أَنْ لَا تَتَمَيَّزَ) مَاشِيَةُ أَحَدِهِمَا عَنْ مَاشِيَةِ الْآخَرِ (فِي الْمَشْرَبِ) وَهُوَ مَوْضِعُ شُرْبِ الْمَاشِيَةِ وَلَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي تُوقَفُ فِيهِ عِنْدَ إرَادَةِ سَقْيِهَا وَلَا فِي الَّذِي يُنَحَّى إلَيْهِ لِشُرْبِ غَيْرِهَا (وَ) لَا فِي (الْمَسْرَحِ) وَهُوَ الْمَوْضِع الَّذِي تَجْتَمِعُ فِيهِ ثُمَّ تُسَاقُ إلَى الْمَرْعَى، وَلَا فِي الْمَرْعَى، وَهُوَ الْمَوْضِع الَّذِي تَرْعَى فِيهِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا اتِّحَادُ الْمَمَرِّ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (وَ) لَا فِي (الْمُرَاحِ) وَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ: مَأْوَاهَا لَيْلًا (وَ) لَا فِي (مَوْضِع الْحَلَبِ) وَهُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ يُقَالُ: لِلَبَنٍ وَلِلْمَصْدَرِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَحُكِيَ سُكُونُهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا تَمَيَّزَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ لَمْ يَصِيرَا كَمَالٍ وَاحِدٍ، وَالْقَصْدُ بِالْخُلْطَةِ أَنْ يَصِيرَ الْمَالَانِ كَمَالٍ وَاحِدٍ لِتَخِفَّ الْمُؤْنَةُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: وَلَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute