وَيُسَنُّ خَرْصُ الثَّمَرِ إذَا بَدَا صَلَاحُهُ عَلَى مَالِكِهِ.
وَالْمَشْهُورُ إدْخَالُ جَمِيعِهِ فِي الْخَرْصِ.
ــ
[مغني المحتاج]
بِيَدِهِ، فَلَوْ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ مِنْ الثَّمَرِ لَمْ يَرُدَّ وَلَهُ الْأَرْشُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَلَهُ الرَّدُّ. أَمَّا لَوْ رَدَّهَا عَلَيْهِ بِرِضَاهُ فَجَائِزٌ إسْقَاطُ الْبَائِعِ حَقَّهُ.
وَإِنْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ وَحْدَهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَبَدَا الصَّلَاحُ حَرُمَ الْقَطْعُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ بِهَا فَإِذَا لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِالْإِبْقَاءِ فَلَهُ الْفَسْخُ لِتَضَرُّرِهِ بِمَصِّ الثَّمَرَةِ مَاءَ الشَّجَرَةِ وَلَوْ رَضِيَ بِهِ وَأَبَى الْمُشْتَرِي إلَّا الْقَطْعَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ رَضِيَ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ وَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِي الرِّضَا بِالْإِبْقَاءِ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ إعَارَةٌ، وَإِذَا فُسِخَ الْبَيْعُ لَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ عَنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ كَانَ فِي مِلْكِهِ فَإِنْ أَخَذَهَا السَّاعِي مِنْ الثَّمَرَةِ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي.
فَرْعٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ بَدَا الصَّلَاحُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَهَذَا عَيْبٌ حَدَثَ بِيَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي. قَالَ: وَهَذَا إذَا بَدَا بَعْدَ اللُّزُومِ وَإِلَّا فَهَذِهِ ثَمَرَةٌ اُسْتُحِقَّ إبْقَاؤُهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَصَارَ كَالْمَشْرُوطِ فِي زَمَنِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُفْسَخَ الْعَقْدُ إنْ قُلْنَا: الشَّرْطُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ يَلْحَقُ بِالْعَقْدِ.
(وَيُسَنُّ خَرْصُ) أَيْ حَرْزُ (الثَّمَرِ) بِالْمُثَلَّثَةِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَهُوَ الرُّطَبُ وَالْعِنَبُ (إذَا بَدَا صَلَاحُهُ عَلَى مَالِكِهِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَرَ أَنْ يُخْرَصَ الْعِنَبُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ وَتُؤْخَذَ زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤْخَذُ صَدَقَةُ النَّخْلِ تَمْرًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحَيْهِمَا.
وَقِيلَ: يَجِبُ الْخَرْصُ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَالْخَرْصُ لُغَةً: الْقَوْلُ بِالظَّنِّ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات: ١٠] وَاصْطِلَاحًا مَا تَقَرَّرَ، وَحِكْمَتُهُ الرِّفْقُ بِالْمَالِكِ وَالْمُسْتَحِقِّ وَلَا فَرْقَ فِي الْخَرْصِ بَيْنَ ثِمَارِ الْبَصْرَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَإِنْ اسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ ثِمَارَ الْبَصْرَةِ. فَقَالَ: يَحْرُمُ خَرْصُهَا بِالْإِجْمَاعِ لِكَثْرَتِهَا وَلِكَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ فِي خَرْصِهَا، وَلِإِبَاحَةِ أَهْلِهَا الْأَكْلَ مِنْهَا لِلْمُجْتَازِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ. قَالَ: وَهَذَا فِي النَّخْلِ. أَمَّا الْكَرْمُ فَهُمْ فِيهِ كَغَيْرِهِمْ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي إذَا عُرِفَ مِنْ شَخْصٍ أَوْ بَلَدٍ مَا عُرِفَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُمْ اهـ.
وَيَجُوزُ خَرْصُ الْكُلِّ إذَا بَدَا الصَّلَاحُ فِي نَوْعٍ دُونَ آخَرَ فِي أَقْيَسِ الْوَجْهَيْنِ وَخَرَجَ بِالثَّمَرِ الْحَبُّ فَلَا خَرْصَ فِيهِ لِاسْتِتَارِ حَبِّهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ غَالِبًا رُطَبًا بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ، وَبِبُدُوِّ الصَّلَاحِ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْخَرْصَ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ إذْ لَا حَقَّ لِلْمُسْتَحِقِّينَ فِيهِ، وَلَا يَنْضَبِطُ الْمِقْدَارُ لِكَثْرَةِ الْعَاهَاتِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ،.
وَكَيْفِيَّةُ الْخَرْصِ أَنْ يَطُوفَ بِالنَّخْلَةِ وَيَرَى جَمِيعَ عَنَاقِيدِهَا وَيَقُولَ عَلَيْهَا مِنْ الرُّطَبِ أَوْ الْعِنَبِ كَذَا، وَيُجِيبُ مِنْهُ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا كَذَا، ثُمَّ يَفْعَلُ كَذَلِكَ بِنَخْلَةٍ بَعْدَ نَخْلَةٍ إنْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ، وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى رُؤْيَةِ الْبَعْضِ وَقِيَاسِ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهَا تَتَفَاوَتُ فَإِنْ اتَّحَدَ النَّوْعُ جَازَ أَنْ يُخْرَصَ الْجَمِيعُ رُطَبًا أَوْ عِنَبًا ثُمَّ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا (وَالْمَشْهُورُ إدْخَالُ جَمِيعِهِ فِي الْخَرْصِ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِوُجُوبِ الْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَتْرُكُ لِلْمَالِكِ ثَمَرَ نَخْلَةٍ أَوْ نَخَلَاتٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُهُ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute