للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَالذَّهَبِ عِشْرُونَ مِثْقَالًا بِوَزْنِ مَكَّةَ، وَزَكَاتُهُمَا رُبْعُ عُشْرٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَ) نِصَابُ (الذَّهَبِ عِشْرُونَ مِثْقَالًا) بِالْإِجْمَاعِ (بِوَزْنِ مَكَّةَ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ الْمَدِينَةِ وَالْوَزْنُ وَزْنُ مَكَّةَ» (١) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَسَوَاءٌ الْمَضْرُوبُ مِنْهُمَا وَغَيْرُهُ وَهَذَا الْمِقْدَارُ تَحْدِيدٌ، فَلَوْ نَقَصَ فِي مِيزَانٍ وَتَمَّ فِي آخَرَ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْأَصَحِّ لِلشَّكِّ فِي النِّصَابِ، وَقَدَّمَ الْفِضَّةَ عَلَى الذَّهَبِ؛ لِأَنَّهَا أَغْلَبُ، وَالْمِثْقَالُ لَمْ يَتَغَيَّرْ جَاهِلِيَّةً وَلَا إسْلَامًا، وَهُوَ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ حَبَّةً، وَهِيَ شَعِيرَةٌ مُعْتَدِلَةٌ لَمْ تُقَشَّرْ وَقُطِعَ مِنْ طَرَفَيْهَا مَا دَقَّ وَطَالَ، وَالْمُرَادُ بِالدَّرَاهِمِ الدَّرَاهِمُ الْإِسْلَامِيَّةُ الَّتِي كُلُّ عَشَرَةٍ مِنْهَا سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ، وَكُلُّ عَشَرَةِ مَثَاقِيلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُبْعَانِ، وَكَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مُخْتَلِفَةً ثُمَّ ضُرِبَتْ فِي زَمَانِ عُمَرَ وَقِيلَ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى هَذَا الْوَزْنِ. وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ، وَوَزْنُ الدِّرْهَمِ سِتَّةُ دَوَانِقَ، وَالدَّانِقُ ثَمَانِ حَبَّاتٍ وَخُمُسَا حَبَّةٍ، فَالدِّرْهَمُ خَمْسُونَ حَبَّةً وَخُمُسَا حَبَّةٍ، وَمَتَى زِيدَ عَلَى الدِّرْهَمِ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ كَانَ مِثْقَالًا، وَمَتَى نَقَصَ مِنْ الْمِثْقَالِ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِهِ كَانَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ الْمِثْقَالَ عَشَرَةُ أَسْبَاعٍ، فَإِذَا نَقَصَ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ بَقِيَ دِرْهَمٌ.

فَائِدَةٌ: كُلُّ دَرَاهِمَ أَخَذَ نِصْفَهَا وَخُمُسَهَا كَانَ الْمَأْخُوذُ مَثَاقِيلَ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَ خُمُسَهَا وَنِصْفَ خُمُسِهَا كَانَ الْبَاقِي مَثَاقِيلَ، وَكُلُّ مَثَاقِيلَ ضُرِبَتْ فِي عَشَرَةٍ وَقُسِمَتْ عَلَى سَبْعَةٍ خَرَجَتْ دَرَاهِمَ.

(وَزَكَاتُهُمَا) أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (رُبْعُ عُشْرٍ) فِي النِّصَابِ لِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ» (٢) وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «وَفِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ» وَالرِّقَةُ وَالْوَرِقُ الْفِضَّةُ وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنْ الْوَاوِ، وَالْأُوقِيَّةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا بِالنُّصُوصِ الْمَشْهُورَةِ وَالْإِجْمَاعِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. قَالَ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَوْ حَسَنٍ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا شَيْءٌ وَفِي عِشْرِينَ نِصْفُ دِينَارٍ» وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ «لَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ حَتَّى يَكُونَ عِشْرُونَ دِينَارًا، فَإِذَا كَانَتْ لَكَ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ» وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مُعَدَّانِ لِلنَّمَاءِ كَالْمَاشِيَةِ السَّائِمَةِ، وَهُمَا مِنْ أَشْرَفِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ إذْ بِهِمَا قِوَامُ الدُّنْيَا وَنِظَامُ أَحْوَالِ الْخَلْقِ، فَإِنَّ حَاجَاتِ النَّاسِ كَثِيرَةٌ وَكُلُّهَا تَنْقَضِي بِهِمَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَمْوَالِ، فَمَنْ كَنَزَهُمَا فَقَدْ أَبْطَلَ الْحِكْمَةَ الَّتِي خَلَقَهَا لَهَا كَمَنْ حَبَسَ قَاضِيَ الْبَلَدِ وَمَنَعَهُ أَنْ يَقْضِيَ حَوَائِجَ النَّاسِ.

وَيَجِبُ فِيمَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ بِحِسَابِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوَاشِي ضَرَرُ الْمُشَارَكَةِ وَلَا يَكْمُلُ نِصَابُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ كَمَا لَا يَكْمُلُ التَّمْرُ بِالزَّبِيبِ، وَيَكْمُلُ الْجَيِّدُ بِالرَّدِيءِ مِنْ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَعَكْسُهُ كَمَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>