وَيُزَكَّى الْمُحَرَّمُ مِنْ حُلِيٍّ وَغَيْرِهِ، لَا الْمُبَاحُ فِي الْأَظْهَرِ، فَمِنْ الْمُحَرَّمِ الْإِنَاءُ وَالسِّوَارُ وَالْخَلْخَالُ لِلُبْسِ الرَّجُلِ.
ــ
[مغني المحتاج]
الْبَسِيطِ، أَوْ امْتَحَنَ بِالْمَاءِ فَيَضَعُ مَاءً فِي قَصْعَةٍ مَثَلًا ثُمَّ يَضَعُ فِيهِ أَلْفًا ذَهَبًا وَيَعْلَمُ ارْتِفَاعَهُ ثُمَّ يُخْرِجُهَا ثُمَّ يَضَعُ فِيهِ أَلْفًا فِضَّةً وَيُعَلِّمُهُ، وَهَذِهِ الْعَلَامَةُ فَوْقَ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْفِضَّةَ أَكْثَرُ حَجْمًا مِنْ الذَّهَبِ فَيَزِيدُ ارْتِفَاعُ الْمَاءِ بِسَبَبِ ذَلِكَ ثُمَّ يُخْرِجُهَا ثُمَّ يَضَعُ فِيهِ الْمَخْلُوطَ فَإِلَى أَيِّهِمَا كَانَ ارْتِفَاعُهُ أَقْرَبَ فَالْأَكْثَرُ مِنْهُ، وَيَكْتَفِي بِوَضْعِ الْمَخْلُوطِ أَوَّلًا وَآخِرًا وَوَسَطًا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَأَسْهَلُ مِنْ هَذَا وَأَضْبَطُ أَنْ تَضَعَ فِي الْمَاءِ قَدْرَ الْمَخْلُوطِ مِنْهُمَا مَعًا مَرَّتَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا الْأَكْثَرُ ذَهَبًا وَالْأَقَلُّ فِضَّةً، وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْعَكْسِ، وَتُعَلِّمَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَامَةً ثُمَّ تَضَعَ الْمَخْلُوطَ فَيُلْحَقَ بِمَا وَصَلَ إلَيْهِ.
قَالَ: وَالطَّرِيقُ الْأَوَّلُ يَأْتِي أَيْضًا فِي مُخْتَلِطٍ جُهِلَ وَزْنُهُ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا قَالَهُ الْفُورَانِيُّ فَإِنَّك إذَا وَضَعْتَ الْمُخْتَلِطَ الْمَذْكُورَ تَكُونُ عَلَامَتُهُ بَيْنَ عَلَامَتَيْ الْخَالِصِ، فَإِنْ كَانَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِمَا سَوَاءً فَنِصْفُهُ ذَهَبٌ وَنِصْفُهُ فِضَّةٌ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلَامَةِ الذَّهَبِ شَعِيرَتَانِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلَامَةِ الْفِضَّةِ شَعِيرَةٌ فَثُلُثَاهُ فِضَّةٌ وَثُلُثُهُ ذَهَبٌ، أَوْ بِالْعَكْسِ فَبِالْعَكْسِ وَمُؤْنَةُ السَّبْكِ عَلَى الْمَالِكِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَإِذَا تَعَذَّرَ الِامْتِحَانُ وَعَسُرَ التَّمْيِيزُ بِفَقْدِ آلَاتِ السَّبْكِ أَوْ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى زَمَانٍ صَالِحٍ وَجَبَ الِاحْتِيَاطُ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا مَعَ وُجُودِ الْمُسْتَحِقِّينَ، ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَجْعَلَ السَّبْكَ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ شُرُوطِ الْإِمْكَانِ اهـ.
وَلَا يَعْتَمِدُ الْمَالِكُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَكْثَرِ غَلَبَةَ ظَنِّهِ وَلَوْ تَوَلَّى إخْرَاجَهَا بِنَفْسِهِ، وَيُصَدَّقُ فِيهِ إنْ أَخْبَرَ عَنْ عِلْمٍ.
وَلَوْ مَلَكَ نِصَابًا نِصْفُهُ فِي يَدِهِ وَبَاقِيه مَغْصُوبٌ أَوْ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ زَكَّى الَّذِي فِي يَدِهِ فِي الْحَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِمْكَانَ شَرْطٌ لِلضَّمَانِ لَا لِلْوُجُوبِ؛ وَلِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ.
(وَيُزَكَّى الْمُحَرَّمُ) مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (مِنْ حُلِيٍّ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ جَمْعُ حَلْيٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ (وَ) مِنْ (غَيْرِهِ) كَالْأَوَانِي بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا الْمَكْرُوهُ كَالضَّبَّةِ الْكَبِيرَةِ لِلْحَاجَةِ وَالصَّغِيرَةِ لِلزِّينَةِ (لَا) الْحُلِيُّ (الْمُبَاحُ فِي الْأَظْهَرِ) كَخَلْخَالٍ لِامْرَأَةٍ لِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ فَأَشْبَهَ الْعَوَامِلَ مِنْ النَّعَمِ، وَالثَّانِي يُزَكَّى؛ لِأَنَّ زَكَاةَ النَّقْدِ تُنَاطُ بِجَوْهَرِهِ. وَرُدَّ بِأَنَّ زَكَاتَهُ إنَّمَا تُنَاطُ بِالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ لَا بِجَوْهَرِهِ إذْ لَا غَرَضَ فِي ذَاتِهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ مَا لَوْ مَاتَ عَنْ حُلِيٍّ مُبَاحٍ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَارِثُهُ إلَّا بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ تَجِبُ زَكَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَمْ يَنْوِ إمْسَاكَهُ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ، ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ وَالِدِهِ احْتِمَالَ وَجْهٍ فِيهِ إقَامَةُ نِيَّةِ مُوَرِّثِهِ مَقَامَ نِيَّتِهِ. وَاسْتَشْكَلَ الْأَوَّلُ بِالْحُلِيِّ الَّذِي اتَّخَذَهُ بِلَا قَصْدِ شَيْءٍ بِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِي تِلْكَ اتِّخَاذًا دُونَ هَذِهِ (فَمِنْ الْمُحَرَّمِ الْإِنَاءُ) مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِلذَّكَرِ وَغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْأَوَانِي، وَهُوَ مُحَرَّمٌ لِعَيْنِهِ، وَمِنْهُ الْمَيْلُ لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا. نَعَمْ لَوْ اتَّخَذَ شَخْصٌ مَيْلًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِجَلَاءِ عَيْنِهِ فَهُوَ مُبَاحٌ كَمَا مَرَّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَوَانِي، وَلَا زَكَاةَ فِيهِ عَلَى الْأَظْهَرِ (وَالسِّوَارُ) بِكَسْرِ السِّينِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا (وَالْخَلْخَالُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ (لِلُبْسِ الرَّجُلِ) بِأَنْ يَقْصِدَهُ بِاِتِّخَاذِهِمَا فَهُمَا مُحَرَّمَانِ بِالْقَصْدِ،.
وَالْخُنْثَى فِي حُلِيِّ النِّسَاءِ كَالرَّجُلِ، وَفِي حُلِيِّ الرِّجَالِ كَالْمَرْأَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute