مَنْ اسْتَخْرَجَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً مِنْ مَعْدِنٍ لَزِمَهُ رُبْعُ عُشْرِهِ، وَفِي قَوْلٍ الْخُمُسُ، فِي قَوْلٍ إنْ حَصَلَ بِتَعَبٍ فَرُبْعُ عُشْرِهِ، وَإِلَّا فَخُمُسُهُ.
وَيُشْتَرَطُ النِّصَابُ لَا الْحَوْلُ عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِمَا.
وَيَضُمُّ بَعْضَهُ إلَى بَعْضٍ إنْ تَتَابَعَ الْعَمَلُ وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّصَالُ النَّيْلِ عَلَى الْجَدِيدِ، وَإِذَا قَطَعَ الْعَمَلَ بِعُذْرٍ ضَمَّ، وَإِلَّا فَلَا يَضُمُّ الْأَوَّلَ إلَى الثَّانِي،
ــ
[مغني المحتاج]
أَيْ زَكُّوا {مِنْ طَيِّبَاتِ} [البقرة: ٥٧] أَيْ خِيَارِ {مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: ١٣٤] أَيْ مِنْ الْمَالِ {وَمِنَ} [البقرة: ٨] طَيِّبَاتِ {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ} [البقرة: ٢٦٧] مِنْ الْأَرْضِ أَيْ مِنْ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ، وَخَبَرُ الْحَاكِمِ فِي صَحِيحِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَخَذَ مِنْ الْمَعَادِنِ الْقَبَلِيَّةِ الصَّدَقَةَ» ، وَهِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ: نَاحِيَةٌ مِنْ قَرْيَةٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهَا الْفُرْعُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ فَقَالَ (مَنْ اسْتَخْرَجَ) وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ (ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً) لَا غَيْرَهُمَا كَيَاقُوتٍ وَزَبَرْجَدٍ وَنُحَاسٍ وَحَدِيدٍ (مِنْ مَعْدِنٍ) مِنْ أَرْضٍ مُبَاحَةٍ أَوْ مَمْلُوكَةٍ لَهُ (لَزِمَهُ رُبْعُ عُشْرِهِ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ كَخَبَرِ «وَفِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ» وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاتُهُ فِي الْمُدَّةُ الْمَاضِيَةِ إذَا وَجَدَهُ فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ كَوْنُهُ مِلْكَهُ مِنْ حِينِ مَلَكَ الْأَرْضَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمَوْجُودِ مِمَّا يُخْلَقُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ (وَفِي قَوْلٍ) يَلْزَمُهُ (الْخُمُسُ) كَالرِّكَازِ بِجَامِعِ الْخَفَاءِ فِي الْأَرْضِ (فِي قَوْلٍ إنْ حَصَلَ بِتَعَبٍ) كَأَنْ احْتَاجَ إلَى طَحْنٍ أَوْ مُعَالَجَةٍ بِالنَّارِ أَوْ حَفْرٍ (فَرُبْعُ عُشْرِهِ، وَإِلَّا) بِأَنْ حَصَلَ بِلَا تَعَبٍ (فَخُمُسُهُ) ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ يَزْدَادُ بِقِلَّةِ الْمُؤْنَةِ وَيَنْقُصُ بِكَثْرَتِهَا كَالْمُعَشَّرَاتِ.
(وَيُشْتَرَطُ) لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ (النِّصَابُ) ؛ لِأَنَّ مَا دُونَهُ لَا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ الزَّكَوِيَّةِ (لَا الْحَوْلُ عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِمَا) وَقَطَعَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْحَوْلَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِأَجْلِ تَكَامُلِ النَّمَاءِ، وَالْمُسْتَخْرَجُ مِنْ الْمَعْدِنِ نَمَاءٌ فِي نَفْسِهِ فَأَشْبَهَ الثِّمَارَ وَالزُّرُوعَ. وَقِيلَ: فِي اشْتِرَاطِ كُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلَانِ، وَطَرِيقُ الْخِلَافِ مُفَرَّعٌ فِي النِّصَابِ عَلَى وُجُوبِ الْخُمُسِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ يَجِبُ تَخْمِيسُهُ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ النِّصَابُ كَالْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ، وَفِي الْحَوْلِ عَلَى وُجُوبِ رُبْعِ الْعُشْرِ لِعُمُومِ «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ الْقَطْعُ بِاشْتِرَاطِ النِّصَابِ وَبِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْحَوْلِ.
(وَيَضُمُّ بَعْضَهُ) أَيْ الْمُسْتَخْرَجِ (إلَى بَعْضٍ إنْ) اتَّحَدَ الْمَعْدِنُ: أَيْ الْمُخْرَجُ وَ (تَتَابَعَ الْعَمَلُ) كَمَا يَضُمُّ الْمُتَلَاحِقَ مِنْ الثِّمَارِ، وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْأَوَّلِ عَلَى مِلْكِهِ، وَيُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْمَكَانِ الْمُسْتَخْرَجِ مِنْهُ فَلَوْ تَعَدَّدَ لَمْ يَضُمَّ تَقَارَبَا أَوْ تَبَاعَدَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي اخْتِلَافِ الْمَكَانِ اسْتِئْنَافُ عَمَلٍ، هَكَذَا عَلَّلَ بِهِ شَيْخِي، وَكَذَا فِي الرِّكَازِ نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ النَّصِّ (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي الضَّمِّ (اتِّصَالُ النَّيْلِ عَلَى الْجَدِيدِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ غَالِبًا إلَّا مُتَفَرِّقًا، وَالْقَدِيمُ إنْ طَالَ زَمَنُ الِانْقِطَاعِ لَمْ يُضَمَّ كَمَا لَوْ قَطَعَ الْعَمَلَ (وَإِذَا قَطَعَ الْعَمَلَ بِعُذْرٍ) كَإِصْلَاحِ الْآلَةِ وَهَرَبِ الْأُجَرَاءِ وَالْمَرَضِ وَالسَّفَرِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ (ضُمَّ) وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ عُرْفًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ بِذَلِكَ مُعْرِضًا؛ لِأَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى الْعَمَلِ إذَا ارْتَفَعَ الْعُذْرُ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَطَعَ الْعَمَلَ بِلَا عُذْرٍ (فَلَا يَضُمُّ) سَوَاءٌ أَطَالَ الزَّمَنُ أَمْ لَا لِإِعْرَاضِهِ، وَمَعْنَى عَدَمِ الضَّمِّ أَنَّهُ لَا يَضُمُّ (الْأَوَّلَ إلَى الثَّانِي) فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute