شَرْطُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ الْحَوْلُ، وَالنِّصَابُ مُعْتَبَرًا بِآخِرِ الْحَوْلِ، وَفِي قَوْلٍ بِطَرَفَيْهِ، وَفِي قَوْلٍ بِجَمِيعِهِ
فَعَلَى الْأَظْهَرِ لَوْ رُدَّ إلَى النَّقْدِ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ وَهُوَ دُونَ النِّصَابِ وَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ، وَيُبْتَدَأُ حَوْلُهَا مِنْ شِرَائِهَا.
وَلَوْ تَمَّ الْحَوْلُ، وَقِيمَةُ الْعَرْضِ دُونَ النِّصَابِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُبْتَدَأُ حَوْلٌ، وَيَبْطُلُ الْأَوَّلُ.
ــ
[مغني المحتاج]
رَوَاهُ الْحَاكِمُ بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَالْبَزُّ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالزَّايِ، يُقَالُ لِلثِّيَابِ الْمُعَدَّةِ لِلْبَيْعِ عِنْدَ الْبَزَّازِينَ، وَعَلَى السِّلَاحِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَزَكَاةُ الْعَيْنِ لَا تَجِبُ فِي الثِّيَابِ وَالسِّلَاحِ، فَتَعَيَّنَ الْحَمْلُ عَلَى زَكَاةِ التِّجَارَةِ. وَعَنْ سَمُرَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنْ الَّذِي يُعَدُّ لِلْبَيْعِ» . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَأَجْمَعَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِهَا. وَأَمَّا خَبَرُ «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ» (٢) فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ.
(شَرْطُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ: الْحَوْلُ) قَطْعًا (وَالنِّصَابُ) كَذَلِكَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْمَوَاشِي وَالنَّاضِّ (مُعْتَبَرًا) أَيْ النِّصَابُ (بِآخِرِ الْحَوْلِ) فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ فَلَا يُعْتَبَرُ غَيْرُهُ لِكَثْرَةِ اضْطِرَابِ الْقِيَمِ (وَفِي قَوْلٍ بِطَرَفَيْهِ) أَيْ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ دُونَ وَسَطِهِ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا يُجْزِئُ فِي الْحَوْلِ. وَأَمَّا الْآخَرُ؛ فَلِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ وَلَا يُعْتَبَرُ مَا بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ تَقْوِيمَ الْعَرْضِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ يَشُقُّ (وَفِي قَوْلٍ بِجَمِيعِهِ) كَالنَّقْدِ وَالْمَوَاشِي، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الِاعْتِبَارَ هُنَا بِالْقِيمَةِ وَتَعْسُرُ مُرَاعَاتُهَا كُلَّ وَقْتٍ لِاضْطِرَابِ الْأَسْعَارِ ارْتِفَاعًا وَانْخِفَاضًا. وَالْأَوَّلُ مَنْصُوصٌ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ مُخَرَّجَانِ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ عَنْهَا بِالْأَوْجُهِ؛ لِأَنَّ الْمُخَرِّجَ يُعَبِّرُ عَنْهُ تَارَةً بِالْقَوْلِ وَتَارَةً بِالْوَجْهِ.
(فَعَلَى الْأَظْهَرِ) وَهُوَ اعْتِبَارُ آخِرِ الْحَوْلِ (لَوْ رُدَّ) مَالُ التِّجَارَةِ (إلَى النَّقْدِ) الَّذِي يُقَوَّمُ بِهِ بِأَنْ بِيعَ بِهِ (فِي خِلَالِ) أَيْ أَثْنَاءِ (الْحَوْلِ، وَهُوَ دُونَ النِّصَابِ وَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ، وَيُبْتَدَأُ حَوْلُهَا مِنْ) وَقْتِ (شِرَائِهَا) لِتَحَقُّقِ نُقْصَانِهَا حِسًّا بِالتَّنْضِيضِ. وَالثَّانِي لَا يَنْقَطِعُ كَمَا لَوْ بَادَلَ بِهَا سِلْعَةً نَاقِصَةً عَنْ النِّصَابِ فَإِنَّ الْحَوْلَ لَا يَنْقَطِعُ؛ لِأَنَّ الْمُبَادَلَةَ مَعْدُودَةٌ مِنْ التِّجَارَةِ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فِي النَّقْدِ إلَى الْمَعْهُودِ، وَهُوَ الَّذِي يُقَوَّمُ بِهِ كَمَا قَدَّرْتُهُ فِي كَلَامِهِ، فَلَوْ بَاعَهُ بِدَرَاهِمَ وَالْحَالُ يَقْتَضِي التَّقْوِيمَ بِدَنَانِيرَ أَوْ بِالْعَكْسِ فَهُوَ كَبَيْعِ سِلْعَةٍ بِسِلْعَةٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَهُوَ دُونَ النِّصَابِ عَمَّا لَوْ بَاعَهُ بِنَقْدٍ يُقَوَّمُ بِهِ وَهُوَ نِصَابٌ فَحَوْلُهُ بَاقٍ، وَمَا ذَكَرَ مِنْ التَّفْرِيعِ يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ أَيْضًا مِنْ بَابِ أَوْلَى.
(وَلَوْ تَمَّ الْحَوْلُ وَقِيمَةُ الْعَرْضِ) بِسُكُونِ الرَّاءِ (دُونَ النِّصَابِ) وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ مِنْ جِنْسِ مَا يُقَوَّمُ بِهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُبْتَدَأُ حَوْلٌ وَيَبْطُلُ) الْحَوْلُ (الْأَوَّلُ) فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ حَتَّى يَتِمَّ حَوْلٌ ثَانٍ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute