للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَصَحُّ أَنَّ مَنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِ صَاعٍ يَلْزَمُهُ

وَأَنَّهُ لَوْ وَجَدَ بَعْضَ الصِّيعَانِ قَدَّمَ نَفْسَهُ، ثُمَّ زَوْجَتَهُ، ثُمَّ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ، ثُمَّ الْأَبَ، ثُمَّ الْأُمَّ، ثُمَّ الْكَبِيرَ.

وَهِيَ صَاعٌ، وَهُوَ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَثَلَاثَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا وَثُلُثٌ، قُلْتُ: الْأَصَحُّ سِتُّمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ

ــ

[مغني المحتاج]

يُخْرِجُ مِنْ جِنْسِ بَلَدِهِ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْقَاعِدَةِ لِلضَّرُورَةِ أَوْ يُخْرِجُ مِنْ قُوتِ آخِرِ بَلْدَةٍ عُلِمَ وُصُولُهُ إلَيْهَا، وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ أَيْضًا عَلَى هَذَا، وَيَدْفَعُ فِطْرَتَهُ لِلْقَاضِي لِيُخْرِجَهَا؛ لِأَنَّ لَهُ نَقْلَ الزَّكَاةِ، وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ اخْتِلَافِ أَجْنَاسِ الْأَقْوَاتِ نَعَمْ إنْ دَفَعَ إلَى الْقَاضِي الْبُرَّ خَرَجَ عَنْ الْوَاجِبِ بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى الْأَقْوَاتِ، وَالنَّقْلُ جَائِزٌ لِلْقَاضِي الَّذِي لَهُ أَخْذُ الزَّكَوَاتِ.

(وَالْأَصَحُّ أَنَّ مَنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِ صَاعٍ يَلْزَمُهُ) إخْرَاجُهُ مُحَافَظَةً بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، وَالثَّانِي: لَا كَبَعْضِ الرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَهَا بَدَلٌ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ.

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ بَعْضَ الصِّيعَانِ قَدَّمَ) وُجُوبًا (نَفْسَهُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ» (١) وَالثَّانِي يُقَدِّمُ زَوْجَتَهُ وَالثَّالِثُ يَتَخَيَّرُ (ثُمَّ زَوْجَتَهُ) ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا آكَدُ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، وَالثَّانِي: يُقَدِّمُ الْقَرِيبَ، وَالثَّالِثُ: يَتَخَيَّرُ (ثُمَّ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ) لِأَنَّ نَفَقَتَهُ ثَابِتَةٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ؛ وَلِأَنَّهُ أَعْجَزُ مِمَّنْ بَعْدَهُ (ثُمَّ الْأَبَ) وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ لِشَرَفِهِ (ثُمَّ الْأُمَّ) لِقُوَّةِ حُرْمَتِهَا بِالْوِلَادَةِ (ثُمَّ) الْوَلَدَ (الْكَبِيرَ) عَلَى الْأَرِقَّاءِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ أَشْرَفُ وَعَلَاقَتُهُ لَازِمَةٌ بِخِلَافِ الْمِلْكِ فَإِنَّهُ عَارِضٌ وَيَقْبَلُ الزَّوَالَ.

تَنْبِيهٌ مَحِلُّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكَبِيرِ إذَا كَانَ لَا كَسْبَ لَهُ وَهُوَ زَمِنٌ أَوْ مَجْنُونٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَالْأَصَحُّ عَدَمُ وُجُوبِ نَفَقَتِهِ، وَسَيَأْتِي إيضَاحُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِ النَّفَقَاتِ، وَهَذَا التَّرْتِيبُ ذَكَرَهُ أَيْضًا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ وَاَلَّذِي صَحَّحَاهُ فِي بَابِ النَّفَقَاتِ تَقْدِيمُ الْأُمِّ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبِ، وَفَرَّقَ فِي الْمَجْمُوعِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ بِأَنَّ النَّفَقَةَ لِسَدِّ الْخُلَّةِ وَالْأُمَّ أَكْثَرُ حَاجَةً وَأَقَلُّ حِيلَةً، وَالْفِطْرَةَ لِتَطْهِيرِ الْمُخْرَجِ عَنْهُ وَتَشْرِيفِهِ، وَالْأَبَ أَحَقُّ بِهِ فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَيَشْرُفُ بِشَرَفِهِ اهـ.

وَأَبْطَلَ الْإِسْنَوِيُّ الْفَرْقَ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ هُنَا عَلَى الْأَبَوَيْنِ وَهُمَا أَشْرَفُ مِنْهُ فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ الْحَاجَةِ فِي الْبَابَيْنِ.

وَأَجَابَ شَيْخِي عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا قَدَّمُوا الْوَلَدَ الصَّغِيرَ؛ لِأَنَّهُ كَجُزْءِ الْمُخْرِجِ مَعَ كَوْنِهِ أَعْجَزَ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ الرَّقِيقَ.

قَالَ شَيْخُنَا: وَيَنْبَغِي أَنْ تُقَدَّمَ مِنْهُ أُمُّ الْوَلَدِ ثُمَّ الْمُدَبَّرُ ثُمَّ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ فِي دَرَجَةٍ كَزَوْجَتَيْنِ وَابْنَيْنِ تَخَيَّرَ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْوُجُوبِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُوَزِّعْ بَيْنَهُمَا لِنَقْصِ الْمُخْرَجِ عَنْ الْوَاجِبِ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا بِلَا ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا بَعْضَ الْوَاجِبِ.

(وَهِيَ) أَيْ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (صَاعٌ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ (وَهُوَ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَثَلَاثَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ) دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ، وَالْمُدُّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ، وَالرِّطْلُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا (قُلْتُ: الْأَصَحُّ سِتُّمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>