دُونَ الْمُكَاتَبِ
وَتَجِبُ فِي مَالٍ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ.
وَكَذَا عَلَى مَنْ مَلَكَ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ نِصَابًا فِي الْأَصَحِّ.
وَفِي الْمَغْصُوبِ
ــ
[مغني المحتاج]
سَوَاءٌ أَسْلَمَ أَوْ قُتِلَ كَمَا نَقَلَ فِي الْمَجْمُوعِ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ، وَيُجْزِئُهُ الْإِخْرَاجُ فِي حَالِ الرِّدَّةِ فِي هَذِهِ، وَفِي الْأُولَى عَلَى قَوْلِ اللُّزُومِ فِيهَا، وَقِيلَ لَا يُجْزِئُهُ (دُونَ الْمُكَاتَبِ) فَلَا تَلْزَمُهُ لِضَعْفِ مِلْكِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ نَفَقَةَ الْأَقَارِبِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ. وَهَذَا قَدْ عُلِمَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ، فَلَمْ تَدْعُ الْحَاجَةُ إلَى ذِكْرِهِ، فَإِنْ زَالَتْ الْكِتَابَةُ بِعَجْزٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ فَالْعَقْدُ حَوْلَ السَّيِّدِ مِنْ حِينِ زَوَالِهَا.
تَنْبِيهٌ ضَمَّ فِي الْحَاوِي إلَى الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ شَرْطَيْنِ آخَرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: كَوْنُهُ لِمُعَيَّنٍ فَلَا زَكَاةَ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ، وَتَجِبُ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَى مُعَيَّنٍ. الثَّانِي: كَوْنُهُ مُتَيَقَّنَ الْوُجُودِ فَلَا زَكَاةَ فِي مَالِ الْحَمْلِ الْمَوْقُوفِ لَهُ بِإِرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ عَلَى الْأَصَحِّ، إذْ لَا ثِقَةَ بِحَيَاتِهِ، فَلَوْ انْفَصَلَ الْجَنِينُ مَيِّتًا فَيُتَّجَهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى الْوَرَثَةِ لِضَعْفِ مِلْكِهِمْ، وَيُمْكِنُ كَمَا قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ الِاحْتِرَازُ عَنْ هَذَا الشَّرْطِ بِقَوْلِهِ: وَتَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ.
، ثُمَّ شَرَعَ فِي شُرُوطِ الْمَالِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَقَالَ: (وَتَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) لِشُمُولِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ لَهُمَا، وَبِالْقِيَاسِ عَلَى زَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ، فَإِنَّ الْخَصْمَ قَدْ وَافَقَ عَلَيْهِمَا، وَلَمْ يَصِحَّ فِي إسْقَاطِ الزَّكَاةِ وَلَا فِي تَأَخُّرِ إخْرَاجِهَا إلَى الْبُلُوغِ شَيْءٌ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا أَعْرِفُ عَنْ الصَّحَابَةِ شَيْئًا صَحِيحًا أَنَّهَا لَا تَجِبُ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الزَّكَاةِ سَدُّ الْخَلَّةِ وَتَطْهِيرُ الْمَالِ وَمَا لَهُمَا قَابِلٌ لِأَدَاءِ النَّفَقَاتِ وَالْغَرَامَاتِ كَقِيمَةِ مَا أَتْلَفَاهُ، وَلَيْسَتْ الزَّكَاةُ مَحْضَ عِبَادَةٍ حَتَّى تَخْتَصَّ بِالْمُكَلَّفِ، وَالْمُخَاطَبُ بِالْإِخْرَاجِ وَلِيُّهُمَا، وَمَحِلُّ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَرَى وُجُوبَهَا فِي مَالِهِمَا، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَرَاهُ كَحَنَفِيٍّ فَلَا وُجُوبَ، وَالِاحْتِيَاطُ لَهُ أَنْ يَحْسِبَ زَكَاةَ الْمَالِ حَتَّى يُكْمِلَا فَيُخْبِرَهُمَا بِذَلِكَ وَلَا يُخْرِجُهَا فَيُغَرِّمَهُ الْحَاكِمُ قَالَهُ الْقَفَّالُ، وَفَرَضَهُ فِي الطِّفْلِ وَلَوْ كَانَ الْوَلِيُّ غَيْرَ مُتَمَذْهِبٍ بَلْ عَامِّيًّا صِرْفًا، فَإِنْ أَلْزَمَهُ حَاكِمٌ يَرَاهَا بِإِخْرَاجِهَا فَوَاضِحٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَإِلَّا فَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا: الِاحْتِيَاطُ بِمِثْلِ مَا مَرَّ.
وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ أَيْضًا: إنَّ قَيِّمَ الْحَاكِمِ يَعْمَلُ بِمُقْتَضَى مَذْهَبِهِ كَحَاكِمٍ أَنَابَهُ حَاكِمٌ آخَرَ يُخَالِفُهُ فِي مَذْهَبِهِ، فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهَا الْوَلِيُّ مِنْ مَالِهِمَا أَخْرَجَاهَا إنْ كَمُلَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ تَوَجَّهَ إلَى مَالِهِمَا لَكِنَّ الْوَلِيَّ عَصَى بِالتَّأْخِيرِ فَلَا يَسْقُطُ مَا تَوَجَّهَ إلَيْهِمَا، وَمِثْلُهُمَا فِيمَا ذُكِرَ السَّفِيهُ.
فَائِدَةٌ أَجَابَ السُّبْكِيُّ عَنْ سُؤَالٍ صُورَتُهُ: كَيْفَ تُخْرَجُ الزَّكَاةُ مِنْ أَمْوَالِ الْأَيْتَامِ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ وَالْغِشُّ فِيهَا مِلْكُهُمْ بِأَنَّ الْغِشَّ إنْ كَانَ يُمَاثِلُ أُجْرَةَ الضَّرْبِ وَالتَّخْلِيصِ فَيُسَامَحُ بِهِ وَعَمَلُ النَّاسِ عَلَى الْإِخْرَاجِ مِنْهَا.
(وَكَذَا) تَجِبُ الزَّكَاةُ (عَلَى مَنْ مَلَكَ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ نِصَابًا فِي الْأَصَحِّ) وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالصَّحِيحِ لِتَمَامِ مِلْكِهِ، وَلِهَذَا قَالَ إمَامُنَا الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: إنَّهُ يُكَفِّرُ كَفَّارَةَ الْحُرِّ الْمُوسِرِ أَيْ بِمَا عَدَا الْعِتْقَ، وَالثَّانِي: لَا لِنُقْصَانِهِ بِالرِّقِّ، فَأَشْبَهَ الْعَبْدَ وَالْمُكَاتَبَ.
(وَ) تَجِبُ (فِي الْمَغْصُوبِ) إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَزْعِهِ، وَمِثْلُهُ الْمَسْرُوقُ وَأَهْمَلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute