وَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ النِّيَّةُ إذَا أَخْرَجَ زَكَاةَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَتَكْفِي نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ عِنْدَ الصَّرْفِ إلَى الْوَكِيلِ فِي الْأَصَحِّ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَنْوِيَ الْوَكِيلُ عِنْدَ التَّفْرِيقِ أَيْضًا، وَلَوْ دَفَعَ إلَى السُّلْطَانِ كَفَتْ النِّيَّةُ عِنْدَهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ يُجْزِئْ عَلَى الصَّحِيحِ وَإِنْ نَوَى السُّلْطَانُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ
ــ
[مغني المحتاج]
فَعَنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ فَبَانَ تَالِفًا وَقَعَ عَنْ الْآخَرِ، وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ زَكَاةُ مَالِي الْغَائِبِ إنْ كَانَ بَاقِيًا فَبَانَ بَاقِيًا أَجْزَأَهُ عَنْهُ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: هَذِهِ زَكَاةُ مَالِي إنْ كَانَ مُوَرِّثِي قَدْ مَاتَ فَبَانَ مَوْتُهُ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ، وَالْفَرْقُ عَدَمُ الِاسْتِصْحَابِ لِلْمَالِ فِي هَذِهِ، إذْ الْأَصْلُ فِيهَا بَقَاءُ الْحَيَاةِ وَعَدَمُ الْإِرْثِ وَفِي تِلْكَ بَقَاءُ الْمَالِ، وَنَظِيرُهُ أَنْ يَقُولَ فِي لَيْلَةِ آخِرِ شَهْرِ رَمَضَانَ: أَصُومُ غَدًا عَنْ شَهْرِ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ فَيَصِحُّ، وَلَوْ قَالَ فِي لَيْلَةِ آخِرِ شَعْبَانَ أَصُومُ غَدًا إنْ كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لَمْ يَصِحَّ (وَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ النِّيَّةُ إذَا أَخْرَجَ زَكَاةَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) وَالسَّفِيهِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ وَاجِبَةٌ، وَقَدْ تَعَذَّرَتْ مِنْ الْمَالِكِ فَقَامَ بِهَا وَلِيُّهُ كَالْإِخْرَاجِ، فَإِذَا دَفَعَ بِلَا نِيَّةٍ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَلِوَلِيِّ السَّفِيهِ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يُفَوِّضَ النِّيَّةَ لَهُ كَغَيْرِهِ (وَتَكْفِي نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ عِنْدَ الصَّرْفِ إلَى الْوَكِيلِ) عَنْ نِيَّةِ الْوَكِيلِ عِنْدَ الصَّرْفِ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ (فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُودِ النِّيَّةِ مِنْ الْمُخَاطَبِ بِالزَّكَاةِ مُقَارِنَةً لِفِعْلِهِ (وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَنْوِيَ الْوَكِيلُ عِنْدَ التَّفْرِيقِ) عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ (أَيْضًا) لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ. وَالثَّانِي لَا تَكْفِي نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ وَحْدَهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورَةِ، كَمَا لَا تَكْفِي نِيَّةُ الْمُسْتَنِيبِ فِي الْحَجِّ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْعِبَادَةَ فِي الْحَجِّ فِعْلُ النَّائِبِ فَوَجَبَتْ النِّيَّةُ مِنْهُ، وَهِيَ هُنَا بِمَالِ الْمُوَكِّلِ فَكَفَتْ نِيَّتُهُ.
وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ نَوَى الْوَكِيلُ وَحْدَهُ لَمْ يَكْفِ إلَّا إنْ فَوَّضَ إلَيْهِ الْمُوَكِّلُ النِّيَّةَ وَكَانَ الْوَكِيلُ أَهْلًا لَهَا كَافِرًا أَوْ صَبِيًّا، وَلَوْ نَوَى الْمُوَكِّلُ وَحْدَهُ عِنْدَ تَفْرِقَةِ الْوَكِيلِ جَازَ قَطْعًا، وَلَوْ عَزَلَ مِقْدَارَ الزَّكَاةِ وَنَوَى عِنْدَ الْعَزْلِ جَازَ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا يَضُرُّ تَقْدِيمُهَا عَلَى التَّفْرِقَةِ كَالصَّوْمِ لِعُسْرِ الِاقْتِرَانِ بِأَدَاءِ كُلِّ مُسْتَحِقٍّ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الزَّكَاةِ سَدُّ حَاجَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ بِهَا، وَلَوْ نَوَى بَعْدَ الْعَزْلِ وَقَبْلَ التَّفْرِقَةِ أَجْزَأَهُ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ تُقَارِنْ النِّيَّةُ أَخْذَهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَقَالَ فِيهِ عَنْ زِيَادَةَ الْعَبَّادِيِّ إنَّهُ لَوْ دَفَعَ مَالًا إلَى وَكِيلِهِ لِيُفَرِّقَهُ تَطَوُّعًا ثُمَّ نَوَى بِهِ الْفَرْضَ ثُمَّ فَرَّقَهُ الْوَكِيلُ وَقَعَ عَنْ الْفَرْضِ إذَا كَانَ الْقَابِضُ مُسْتَحِقًّا (وَلَوْ دَفَعَ) الزَّكَاةَ (إلَى السُّلْطَانِ كَفَتْ النِّيَّةُ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ السُّلْطَانُ عِنْدَ الدَّفْعِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُمْ فَالدَّفْعُ إلَيْهِ كَالدَّفْعِ إلَيْهِمْ، وَلِهَذَا لَوْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ الزَّكَاةُ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمَالِكِ شَيْءٌ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ، وَالسَّاعِي فِي ذَلِكَ كَالسُّلْطَانِ.
(فَإِنْ لَمْ يَنْوِ) الْمَالِكُ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَى السُّلْطَانِ (لَمْ يُجْزِئْ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ نَوَى السُّلْطَانُ) عِنْدَ الْقَسْمِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْتَحِقِّينَ وَالدَّفْعُ إلَيْهِمْ بِلَا نِيَّةٍ لَا يُجْزِئُ فَكَذَا نَائِبُهُمْ. وَالثَّانِي: يُجْزِئُ نَوَى السُّلْطَانُ أَوْ لَمْ يَنْوِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيمَا يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ وَيُفَرِّقُهُ عَلَى الْأَصْنَافِ إنَّمَا هُوَ الْفَرْضُ فَأَغْنَتْ هَذِهِ الْقَرِينَةُ عَنْ النِّيَّةِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي النِّيَّةِ جَازَ كَغَيْرِهِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْأَصَحِّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute