للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دُونَ الْبَعِيدِ فِي الْأَصَحِّ، وَالْبَعِيدُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ، وَقِيلَ بِاخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ، قُلْتُ: هَذَا أَصَحُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِذَا لَمْ نُوجِبْ عَلَى الْبَلَدَ الْآخَرِ فَسَافَرَ إلَيْهِ مِنْ بَلَدِ الرُّؤْيَةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوَافِقُهُمْ فِي الصَّوْمِ آخِرًا، وَمَنْ سَافَرَ مِنْ الْبَلَدِ الْآخَرِ إلَى بَلَدِ الرُّؤْيَةِ عَيَّدَ مَعَهُمْ وَقَضَى يَوْمًا.

وَمَنْ أَصْبَحَ مُعَيِّدًا فَسَارَتْ سَفِينَتُهُ إلَى بَلْدَةٍ بَعِيدَةٍ أَهْلُهَا صِيَامٌ

ــ

[مغني المحتاج]

كَالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ. وَالثَّانِي: يَلْزَمُ فِي الْبَعِيدِ أَيْضًا (وَالْبَعِيدُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ) وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ عَلَّقَ بِهَا كَثِيرًا مِنْ الْأَحْكَامِ (وَقِيلَ بِاخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ. قُلْتُ: هَذَا أَصَحُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْهِلَالِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَلِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ كُرَيْبٍ قَالَ: «رَأَيْتُ الْهِلَالَ بِالشَّامِ ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَتَى رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ؟ قُلْتُ: لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، قَالَ: أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ وَرَآهُ النَّاسُ وَصَامُوا، وَصَامَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ الْعِدَّةَ. فَقُلْتُ: أَوَلَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ؟ قَالَ: لَا، هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَقِيَاسًا عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالشَّمْسِ وَغُرُوبِهِمَا. قَالَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ التَّبْرِيزِيُّ: وَاخْتِلَافُ الْمَطَالِعِ لَا يَكُونُ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا. فَإِنْ قِيلَ: اعْتِبَارُ اتِّحَادِ الْمَطَالِعِ وَاخْتِلَافِهَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُنَجِّمِ وَالْحَاسِبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُمَا فِي إثْبَاتِ رَمَضَانَ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِهِ فِي الْأُصُولِ وَالْأُمُورِ الْعَامَّةِ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ فِي التَّوَابِعِ وَالْأُمُورِ الْخَاصَّةِ، فَإِنْ شُكَّ فِي الِاتِّفَاقِ فِي الْمَطْلَعِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يَرَوْا الصَّوْمَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِالرُّؤْيَةِ وَلَمْ تَثْبُتْ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ قُرْبِهِمْ مِنْ بَلَدِ الرُّؤْيَةِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَقَدْ تَخْتَلِفُ الْمَطَالِعُ وَتَكُونُ الرُّؤْيَةُ فِي أَحَدِ الْبَلَدَيْنِ مُسْتَلْزِمَةً لِلرُّؤْيَةِ فِي الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّيْلَ يَدْخُلُ فِي الْبِلَادِ الشَّرْقِيَّةِ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الْبِلَادِ الْغَرْبِيَّةِ، فَمَتَى اتَّحَدَ الْمَطْلَعُ لَزِمَ مِنْ رُؤْيَتِهِ فِي أَحَدِهِمَا رُؤْيَتُهُ فِي الْآخَرِ، وَمَتَى اخْتَلَفَ لَزِمَ مِنْ رُؤْيَتِهِ فِي الشَّرْقِيِّ رُؤْيَتُهُ فِي الْغَرْبِيِّ وَلَا يَنْعَكِسُ، وَعَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ كُرَيْبٍ فَإِنَّ الشَّامَ غَرْبِيَّةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَدِينَةِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ رُؤْيَتِهِ فِي الشَّامِ رُؤْيَتُهُ فِيهَا.

(وَإِذَا لَمْ نُوجِبْ عَلَى) أَهْلِ (الْبَلَدَ الْآخَرِ) وَهُوَ الْبَعِيدُ (فَسَافَرَ إلَيْهِ مِنْ بَلَدِ الرُّؤْيَةِ) مَنْ صَامَ بِهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُوَافِقُهُمْ) وُجُوبًا (فِي الصَّوْمِ آخِرًا) وَإِنْ كَانَ قَدْ أَتَمَّ ثَلَاثِينَ؛ لِأَنَّهُ بِالِانْتِقَالِ إلَى بَلَدِهِمْ صَارَ وَاحِدًا مِنْهُمْ فَيَلْزَمُهُ حُكْمُهُمْ. وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَمَرَ كُرَيْبًا بِذَلِكَ. وَالثَّانِي: يُفْطِرُ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ حُكْمُ الْبَلَدِ الْأَوَّلِ فَيَسْتَمِرُّ عَلَيْهِ (وَمَنْ سَافَرَ مِنْ الْبَلَدِ الْآخَرِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يُرَ فِيهِ (إلَى بَلَدِ الرُّؤْيَةِ عَيَّدَ مَعَهُمْ) وُجُوبًا لِمَا مَرَّ، سَوَاءٌ أَصَامَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ بِأَنْ كَانَ رَمَضَانُ أَيْضًا عِنْدَهُمْ نَاقِصًا فَوَقَعَ عِيدُهُ مَعَهُمْ فِي التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ صَوْمِهِ، أَمْ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ بِأَنْ كَانَ رَمَضَانُ تَامًّا عِنْدَهُمْ (وَقَضَى يَوْمًا) إنْ صَامَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا صَامَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ كَذَلِكَ.

(وَ) عَلَى الْأَصَحِّ (مَنْ أَصْبَحَ مُعَيِّدًا فَسَارَتْ سَفِينَتُهُ) مَثَلًا (إلَى بَلْدَةٍ بَعِيدَةٍ أَهْلُهَا صِيَامٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>