للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا بَعْدَهُ فِي قَوْلٍ، وَالصَّحِيحُ اشْتِرَاطُ حُصُولِ شَرْطِ الصَّوْمِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ.

وَيَجِبُ التَّعْيِينُ فِي الْفَرْضِ،

ــ

[مغني المحتاج]

مِنْ غَدَاءٍ؟ قَالَتْ لَا، قَالَ: فَإِنِّي إذَنْ أَصُومُ، قَالَتْ: وَقَالَ لِي يَوْمًا آخَرُ أَعِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ قُلْتُ نَعَمْ، قَالَ: إذَنْ أُفْطِرُ وَإِنْ كُنْتُ فَرَضْتُ الصَّوْمَ " رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَاخْتَصَّ بِمَا قَبْلَ الزَّوَالِ لِلْخَبَرِ، إذْ الْغَدَاءُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَالْعَشَاءُ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ بَعْدَهُ؛ وَلِأَنَّهُ مَضْبُوطٌ بَيِّنٌ وَلِإِدْرَاكِ مُعْظَمِ النَّهَارِ بِهِ كَمَا فِي رَكْعَةِ الْمَسْبُوقِ، وَهَذَا جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ مِمَّنْ يُرِيدُ صَوْمَ النَّفْلِ، وَإِلَّا فَلَوْ نَوَى قَبْلَ الزَّوَالِ وَقَدْ مَضَى مُعْظَمُ النَّهَارِ صَحَّ صَوْمُهُ (وَكَذَا) يَصِحُّ بِنِيَّةٍ (بَعْدَهُ فِي قَوْلٍ) قِيَاسًا عَلَى مَا قَبْلَهُ تَسْوِيَةً بَيْنَ آخِرِ النَّهَارِ كَمَا فِي النِّيَّةِ لَيْلًا (وَالصَّحِيحُ) الْمَنْصُوصُ (اشْتِرَاطُ حُصُولِ شَرْطِ الصَّوْمِ) فِي النِّيَّةِ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ (مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ) بِأَنْ لَا يَسْبِقَهَا مُنَافٍ لِلصَّوْمِ كَكُفْرٍ، وَجِمَاعٍ، وَأَكْلٍ، وَجُنُونٍ، وَحَيْضٍ، وَنِفَاسٍ، وَإِلَّا لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُ الصَّوْمِ، وَهُوَ خُلُوُّ النَّفْسِ عَنْ الْمَوَانِعِ فِي الْيَوْمِ بِكَمَالِهِ. وَالثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ مَا ذَكَرَهُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا قُلْنَا: إنَّهُ صَائِمٌ مِنْ وَقْتِ النِّيَّةِ. أَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ صَائِمٌ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ وَهُوَ الْأَصَحُّ حَتَّى يُثَابَ عَلَى جَمِيعِهِ، إذْ صَوْمُ الْيَوْمِ لَا يَتَبَعَّضُ كَمَا فِي الرَّكْعَةِ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ، فَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ شَرَائِطِ الصَّوْمِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ جَزْمًا، وَلَوْ سَبَقَ مَاءُ مَضْمَضَةٍ أَيْ أَوْ اسْتِنْشَاقٍ بِلَا مُبَالَغَةٍ إلَى جَوْفِهِ قَبْلَ النِّيَّةِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الْأَصَحِّ، سَوَاءٌ أَقُلْنَا يُفْطِرُ بِذَلِكَ أَمْ لَا، قَالَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ.

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ مُهِمَّةٌ (وَيَجِبُ) فِي النِّيَّةِ (التَّعْيِينُ فِي الْفَرْضِ) بِأَنْ يَنْوِيَ كُلَّ لَيْلَةٍ أَنَّهُ صَائِمٌ غَدًا عَنْ رَمَضَانَ، أَوْ عَنْ نَذْرٍ، أَوْ عَنْ كَفَّارَةٍ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مُضَافَةٌ إلَى وَقْتٍ فَوَجَبَ التَّعْيِينُ فِي نِيَّتِهَا كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْكَفَّارَةِ بَيْنَ أَنْ يُعَيِّنَ سَبَبَهَا أَمْ لَا، لَكِنْ لَوْ عَيَّنَ وَأَخْطَأَ لَمْ يُجْزِئْهُ، فَإِنْ جَهِلَ سَبَبَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الصَّوْمِ مِنْ كَوْنِهِ قَضَاءً عَنْ رَمَضَانَ أَوْ نَذْرًا أَوْ كَفَّارَةً كَفَاهُ نِيَّةُ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ لِلضَّرُورَةِ، كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ لَا يَعْرِفُ عَيْنَهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْخَمْسَ وَيُجْزِئُهُ عَمَّا عَلَيْهِ، وَيُعْذَرُ فِي عَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.

فَإِنْ قِيلَ: قِيَاسُ الصَّلَاةِ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَنْوِي يَوْمًا عَنْ الْقَضَاءِ وَيَوْمًا عَنْ النَّذْرِ وَيَوْمًا عَنْ الْكَفَّارَةِ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الذِّمَّةَ هُنَا لَمْ تَشْتَغِلْ بِالثَّلَاثِ. وَالْأَصْلُ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِصَوْمِ يَوْمٍ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِمَّا زَادَ، بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ فَإِنَّ ذِمَّتَهُ اشْتَغَلَتْ بِجَمِيعِهَا، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ كُلٍّ مِنْهَا، فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ ذِمَّتَهُ اشْتَغَلَتْ بِصَوْمِ الثَّلَاثِ وَأَتَى بِاثْنَيْنِ مِنْهَا وَنَسِيَ الثَّالِثَ الْتَزَمَ فِيهِ ذَلِكَ. فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا اكْتَفَوْا فِيمَنْ نَسِيَ صَلَاةً بِثَلَاثِ صَلَوَاتٍ فَقَطْ، الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ وَإِحْدَى رُبَاعِيَّةٍ يَنْوِي فِيهَا الصَّلَاةَ الْوَاجِبَةَ كَنَظِيرِهَا هُنَا؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا هُنَا مَا لَمْ يَتَوَسَّعُوا ثَمَّ بِدَلِيلِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُقَارَنَةِ فِي نِيَّةِ الصَّوْمِ وَعَدَمِ الْخُرُوجِ مِنْهُ بِنِيَّةِ تَرْكِهِ بِخِلَافِهِمَا فِي الصَّلَاةِ، وَاحْتُرِزَ بِالْفَرْضِ عَنْ النَّفْلِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ. فَإِنْ قِيلَ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: هَكَذَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ، وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ التَّعْيِينِ فِي الصَّوْمِ الرَّاتِبِ كَعَرَفَةَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>