للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَحْمِلُ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَعْتَمِدُ جَالِسًا يَسَارَهُ، وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، وَلَا يَسْتَدْبِرُهَا،

ــ

[مغني المحتاج]

«إذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ» أَوْ الْمَاءَ إنْ أَرَادَ الِاسْتِنْجَاءَ بِهِ أَوْ هُمَا إنْ أَرَادَ الْجَمْعَ (وَلَا يَحْمِلُ) فِي الْخَلَاءِ (ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ مَكْتُوبَ ذِكْرٍ مِنْ قُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ حَتَّى حَمْلُ مَا كُتِبَ مِنْ ذَلِكَ فِي دِرْهَمٍ أَوْ نَحْوِهِ تَعْظِيمًا لَهُ وَاقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَإِنَّهُ كَانَ إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ نَزَعَ خَاتَمَهُ وَكَانَ نَقْشُهُ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ: مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، وَرَسُولُ سَطْرٌ، وَاللَّهِ سَطْرٌ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَنَسٍ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَفِي حِفْظِي أَنَّهُ كَانَ يُقْرَأُ مِنْ أَسْفَلَ فَصَاعِدًا لِيَكُونَ اسْمُ اللَّهِ فَوْقَ الْجَمِيعِ اهـ.

وَقِيلَ كَانَ النَّقْشُ مَعْكُوسًا لِيُقْرَأَ مُسْتَقِيمًا إذَا خَتَمَ بِهِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ: وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْأَمْرَيْنِ خَبَرٌ، وَحَمْلُ مَا عَلَيْهِ ذِكْرُ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَى الْخَلَاءِ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ، وَمِثْلُ ذَلِكَ اسْمُ رَسُولِهِ وَكُلُّ اسْمٍ مُعَظَّمٍ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ: قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّنْقِيحِ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْأَسْمَاءُ الْمُخْتَصَّةُ بِاَللَّهِ وَنَبِيِّهِ مَثَلًا دُونَ مَا لَا يَخْتَصُّ كَعَزِيزٍ وَكَرِيمٍ وَمُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ الْمُرَادُ اهـ.

وَمِثْلُ مَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ مَا إذَا قَصَدَهُ بِهِ، فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ وَلَوْ عَمْدًا حَتَّى قَعَدَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ ضَمَّ كَفَّيْهِ عَلَيْهِ أَوْ وَضَعَهُ فِي عِمَامَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا، وَهَذَا الْأَدَبُ مُسْتَحَبٌّ. قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ (١) . وَلَيْتَهُمْ قَالُوا بِوُجُوبِهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْمُتَّجِهُ تَحْرِيمُ إدْخَالِ الْمُصْحَفِ وَنَحْوِهِ الْخَلَاءَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ إجْلَالًا لَهُ وَتَكْرِيمًا اهـ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مَحَاسِنُ كَلَامِ الشَّرِيعَةِ يُشْعِرُ بِتَحْرِيمِ بَقَاءِ الْخَاتَمِ الَّذِي عَلَيْهِ ذِكْرُ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي الْيَسَارِ حَالَ الِاسْتِنْجَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا أَفْضَى ذَلِكَ إلَى تَنْجِيسِهِ اهـ مُلَخَّصًا، وَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ عَلَى مَا إذَا خِيفَ عَلَيْهِ التَّنْجِيسُ، وَلَا يَدْخُلُ الْمَحَلَّ حَافِيًا، وَلَا مَكْشُوفَ الرَّأْسِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مُرْسَلًا.

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ الْمُرْسَلَ وَالضَّعِيفَ وَالْمَوْقُوفَ يُتَسَامَحُ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ وَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ (وَيَعْتَمِدُ) نَدْبًا فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ (جَالِسًا يَسَارَهُ) وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى تَكْرِيمًا لَهَا بِأَنْ يَضَعَ أَصَابِعَهَا عَلَى الْأَرْضِ وَيَرْفَعَ بَاقِيَهَا، وَيَضُمَّ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَخِذَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْهَلُ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ، وَمُقْتَضَى هَذَا التَّسْوِيَةُ فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ بَيْنَ الْقَائِمِ وَالْقَاعِدِ، نَعَمْ لَوْ بَالَ قَائِمًا فَرَّجَ بَيْنهمَا فَيَعْتَمِدُهُمَا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ خَوْفًا مِنْ التَّنْجِيسِ، وَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَرْفَعَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ ثَوْبَهُ عَنْ عَوْرَتِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَّا إنْ خَافَ تَنَجُّسَ ثَوْبِهِ فَيَرْفَعُهُ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ، وَيُسْبِلُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا قَبْلَ انْقِضَاءِ قِيَامِهِ (وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرُهَا) نَدْبًا إذَا كَانَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>