للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْجَامِعُ أَوْلَى.

وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ امْرَأَةٍ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا، وَهُوَ الْمُعْتَزَلُ الْمُهَيَّأُ لِلصَّلَاةِ.

وَلَوْ عَيَّنَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فِي نَذْرِهِ الِاعْتِكَافَ تَعَيَّنَ،

ــ

[مغني المحتاج]

الِاعْتِكَافِ، وَلَا يَفْتَقِرُ شَيْءٌ مِنْ الْعِبَادَاتِ إلَى مَسْجِدٍ إلَّا التَّحِيَّةَ وَالِاعْتِكَافَ وَالطَّوَافَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ، وَيَصِحُّ فِي رَحْبَتِهِ لِأَنَّهَا مِنْهُ، وَلَا يَصِحُّ فِيمَا وُقِفَ جُزْؤُهُ شَائِعًا مَسْجِدًا وَإِنْ حَرُمَ عَلَى الْجُنُبِ الْمُكْثُ فِيهِ لِلِاحْتِيَاطِ، وَلَا فِيمَا أَرْضُهُ مُسْتَأْجَرَةٌ وَوُقِفَ بِنَاؤُهُ مَسْجِدًا عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَالْحِيلَةُ فِي الِاعْتِكَافِ فِيهِ أَنْ يَبْنِيَ فِيهِ مَصْطَبَةً أَوْ صِلَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَيَقِفَهَا مَسْجِدًا فَيَصِحَّ الِاعْتِكَافُ فِيهَا كَمَا يَصِحُّ عَلَى سَطْحِهِ وَجُدْرَانِهِ، وَلَا يُغْتَرُّ بِمَا وَقَعَ لِلزَّرْكَشِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُبْنَ نَحْوُ مَصْطَبَةٍ. وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُ الْمَنْقُولِ مَسْجِدًا، وَلَا يُغْتَرُّ بِمَا وَقَعَ فِي فَتَاوَى بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الصِّحَّةِ (وَ) الْمَسْجِدُ (الْجَامِعُ) وَهُوَ مَا تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ (أَوْلَى) بِالِاعْتِكَافِ فِيهِ مِنْ غَيْرِهِ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَلِكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ، وَلِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْخُرُوجِ لِلْجُمُعَةِ. وَيَجِبُ الْجَامِعُ لِلِاعْتِكَافِ فِيهِ إنْ نَذَرَ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً فِيهَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَكَانَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْخُرُوجُ لَهَا؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لَهَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ لِتَقْصِيرِهِ بَعْدَ اعْتِكَافِهِ فِي الْجَامِعِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْجُمُعَةُ تُقَامُ بَيْنَ أَبْنِيَةِ الْقَرْيَةِ لَا فِي جَامِعٍ لَمْ يَبْطُلْ تَتَابُعُهُ بِالْخُرُوجِ لَهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْقَرْيَةُ صَغِيرَةً لَا تَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ بِأَهْلِهَا فَأُحْدِثَ بِهَا جَامِعٌ وَجَمَاعَةٌ بَعْدَ نَذْرِهِ اعْتِكَافَهُ وَلَوْ اسْتَثْنَى الْخُرُوجَ لَهَا وَكَانَ فِي الْبَلَدِ جَامِعَانِ فَمَرَّ عَلَى أَحَدِهِمَا وَذَهَبَ إلَى الْآخَرِ فَإِنْ كَانَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ يُصَلِّي فِيهِ أَوَّلًا لَمْ يَضُرَّهُ، أَوْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُشْرَطْ التَّتَابُعُ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْجَامِعُ بَلْ يَصِحُّ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ لِمُسَاوَاتِهَا لَهُ فِي تَحْرِيمِ الْمُكْثِ جُنُبًا وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَوْنِ الْجَامِعِ أَوْلَى مَا إذَا كَانَ قَدْ عَيَّنَ غَيْرَ الْجَامِعِ فَالْمُعَيَّنُ أَوْلَى إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى الْخُرُوجِ إلَى الْجُمُعَةِ.

(وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ امْرَأَةٍ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا، وَهُوَ الْمُعْتَزَلُ الْمُهَيَّأُ لِلصَّلَاةِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَسْجِدٍ بِدَلِيلِ جَوَازِ تَغْيِيرِهِ وَمُكْثِ الْجُنُبِ فِيهِ، وَلِأَنَّ نِسَاءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَضِيَ عَنْهُنَّ كُنَّ يَعْتَكِفْنَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ كَفَى بُيُوتُهُنَّ لَكَانَتْ لَهُنَّ أَوْلَى، وَالْقَدِيمُ يَصِحُّ لِأَنَّهُ مَكَانُ صَلَاتِهَا كَمَا أَنَّ الْمَسْجِدَ مَكَانُ صَلَاةِ الرَّجُلِ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَخْتَصُّ بِمَوْضِعٍ بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ، وَالْخُنْثَى كَالرَّجُلِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ اعْتِكَافِهَا فِي بَيْتِهَا يَكُونُ الْمَسْجِدُ لَهَا أَفْضَلَ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ.

(وَلَوْ عَيَّنَ) النَّاذِرُ (الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فِي نَذْرِهِ الِاعْتِكَافَ تَعَيَّنَ) فَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ لِتَعَلُّقِ النُّسُكِ بِهِ وَزِيَادَةِ فَضْلِهِ لِكَثْرَةِ تَضَاعُفُ الصَّلَاةِ فِيهِ. قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي» . وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي يَتَعَيَّنُ فِي النَّذْرِ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ زِيَادَةُ الْفَضِيلَةُ قِيلَ الْكَعْبَةُ وَالْمَسْجِدُ الَّذِي يُطَافُ فِيهِ حَوْلَهَا، وَبِهَذَا جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ، وَقِيلَ: إنَّهُ الْكَعْبَةُ وَمَا فِي الْحِجْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>