وَالزَّمَانُ الْمَصْرُوفُ إلَيْهِ لَا يَجِبُ تَدَارُكُهُ إنْ عَيَّنَ الْمُدَّةَ كَهَذَا الشَّهْرِ، وَإِلَّا فَيَجِبُ، وَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِالْخُرُوجِ بِلَا عُذْرٍ.
وَلَا يَضُرُّ إخْرَاجُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَلَا الْخُرُوجُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَلَا يَجِبُ فِعْلُهَا فِي غَيْرِ دَارِهِ،
ــ
[مغني المحتاج]
جَامَعْت أَوْ إنْ اتَّفَقَ لِي جِمَاعٌ جَامَعْت فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْمُحْرِمِ وَالْجِمَاعِ وَمِثْلُهُمَا الْبَقِيَّةُ. وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِجْحَافِ (وَالزَّمَانُ الْمَصْرُوفُ إلَيْهِ) أَيْ الْعَارِضُ الْمَذْكُورُ (لَا يَجِبُ تَدَارُكُهُ إنْ عَيَّنَ الْمُدَّةَ كَهَذَا الشَّهْرِ) لِأَنَّ الْمَنْذُورَ مِنْ الشَّهْرِ إنَّمَا هُوَ اعْتِكَافُ مَا عَدَا الْعَارِضَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْ مُدَّةً كَشَهْرٍ مُطْلَقٍ (فَيَجِبُ) تَدَارُكُهُ أَيْ الزَّمَنِ الْمَصْرُوفِ لِلْعَارِضِ لِتَتِمَّ الْمُدَّةُ الْمُلْتَزَمَةُ، وَتَكُونُ فَائِدَةُ الشَّرْطِ تَنْزِيلَ ذَلِكَ الْعَارِضِ مَنْزِلَةَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِي أَنَّ التَّتَابُعَ لَا يَنْقَطِعُ بِهِ (وَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ) أَيْضًا (بِالْخُرُوجِ) مِنْ الْمَسْجِدِ بِكُلِّ بَدَنِهِ أَوْ بِمَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ مِنْ الرِّجْلَيْنِ أَوْ الْيَدَيْنِ أَوْ الرَّأْسِ قَائِمًا أَوْ مُنْحَنِيًا أَوْ مِنْ الْعَجُزِ قَاعِدًا أَوْ مِنْ الْجَنْبِ مُضْطَجِعًا (بِلَا عُذْرٍ) مِنْ الْأَعْذَارِ الْآتِيَةِ، وَإِنْ قَلَّ زَمَنُهُ لِمُنَافَاتِهِ اللُّبْثَ؛ لِأَنَّهُ فِي مُدَّةِ الْخُرُوجِ الْمَذْكُورِ غَيْرُ مُعْتَكِفٍ، وَهَذَا فِي الْعَامِدِ الْعَالِمِ بِالتَّحْرِيمِ الْمُخْتَارِ.
(وَلَا يَضُرُّ) فِي تَتَابُعِ الِاعْتِكَافِ (إخْرَاجُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ) مِنْ الْمَسْجِدِ كَرَأْسِهِ أَوْ يَدِهِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى خَارِجًا، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُدْنِي رَأْسَهُ إلَى عَائِشَةَ فَتُرَجِّلُهُ» (١) أَيْ تُسَرِّحُهُ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَوْ أَخْرَجَ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخُرُوجِ، فَإِنْ أَخْرَجَهُمَا وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا ضَرَّ، وَإِنْ كَانَ رَأْسُهُ دَاخِلًا (وَلَا) يَضُرُّ (الْخُرُوجُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ) بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ، وَلَوْ كَثُرَ لِعَارِضٍ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الضَّرُورَةُ، وَإِذَا خَرَجَ لَا يُكَلَّفُ الْإِسْرَاعُ بَلْ يَمْشِي عَلَى سَجِيَّتِهِ. فَلَوْ تَأَنَّى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَحْرِ. وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بَعْدَ قَضَائِهَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ تَبَعًا لَهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ لَهُ مُنْفَرِدًا إنْ كَانَ تَجْدِيدًا، وَكَذَا عَنْ حَدَثٍ عَلَى الْأَصَحِّ إذَا أَمْكَنَهُ فِي الْمَسْجِدِ.
تَنْبِيهٌ: اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ قَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ لِغَيْرِهَا وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ يَجُوزُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ كَرُعَافٍ، وَكَذَا الْأَكْلُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ فِي الْمَسْجِدِ يُسْتَحْيَا مِنْهُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْأَكْلُ فِيهِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الشُّرْبِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ فِيهِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي مَسْجِدٍ مَطْرُوقٍ بِخِلَافِ الْمُخْتَصِّ لِمَنْفَعَتِهَا وَلَوْ مُسْتَعَارَةً وَالْمَهْجُورِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَإِنْ خَرَجَ لِلشُّرْبِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ لِتَجْدِيدِ وُضُوءٍ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّ الْوُضُوءَ الْمَنْدُوبَ لِغُسْلِ الِاحْتِلَامِ مُغْتَفَرٌ كَالتَّثْلِيثِ فِي الْوُضُوءِ الْوَاجِبِ (وَلَا يَجِبُ فِعْلُهَا فِي غَيْرِ دَارِهِ) الْمُسْتَحِقِّ لِمَنْفَعَتِهَا وَلَوْ مُسْتَعَارَةً كَسِقَايَةِ الْمَسْجِدِ، وَدَارِ صَدِيقٍ لَهُ بِجِوَارِ الْمَسْجِدِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَخَرْمِ الْمُرُوءَةِ، وَتَزِيدُ دَارُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute