للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ عَجَزَ تَيَمَّمَ، وَلِدُخُولِ مَكَّةَ، وَلِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَبِمُزْدَلِفَةَ غَدَاةَ النَّحْرِ، وَفِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

ــ

[مغني المحتاج]

وَإِحْرَامُهُ جُنُبًا، وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ يُغَسِّلُهُ وَلِيُّهُ؛ لِأَنَّ حِكْمَةَ هَذَا الْغُسْلِ التَّنْظِيفُ، وَلِهَذَا سُنَّ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ خَبَرَ «أَنَّ الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ تَغْتَسِلُ وَتُحْرِمُ وَتَقْضِي الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفَ بِالْبَيْتِ» . قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ؟ وَإِذَا اغْتَسَلَتَا نَوَتَا، وَالْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَا الْإِحْرَامَ حَتَّى يَطْهُرَا إنْ أَمْكَنَ التَّأْخِيرُ بِأَنْ أَمْكَنَهُمَا الْمُقَامُ بِالْمِيقَاتِ لِيَقَعَ إحْرَامُهُمَا فِي أَكْمَلِ أَحْوَالِهِمَا، وَيُنْدَبُ أَيْضًا لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ أَنْ يَتَنَظَّفَ بِإِزَالَةِ الشُّعُورِ الْمَطْلُوبِ إزَالَتُهَا كَشَعْرِ الْإِبِطِ وَالْعَانَةِ وَالْأَظْفَارِ وَالْأَوْسَاخِ، وَغَسْلُ الرَّأْسِ بِسِدْرٍ وَنَحْوِهِ، وَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَقْدِيمُ هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى الْغُسْلِ كَمَا فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ، وَيُنْدَبُ أَيْضًا أَنْ يُلَبِّدَ الذَّكَرُ شَعْرَهُ بِصَمْغٍ وَنَحْوِهِ لِئَلَّا يَتَوَلَّدَ فِيهِ الْقَمْلُ، وَلَا يَتَشَعَّثُ فِي مُدَّةِ الْإِحْرَامِ، وَيَكُونُ التَّلْبِيدُ بَعْدَ الْغُسْلِ (فَإِنْ عَجَزَ) مُرِيدُ الْإِحْرَامِ عَنْ الْغُسْلِ لِفَقْدِ مَاءٍ أَوْ عَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ (تَيَمَّمَ) ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ يُرَادُ لِلْقُرْبَةِ وَالنَّظَافَةِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا بَقِيَ الْآخَرُ؛ وَلِأَنَّهُ يَنُوبُ عَنْ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ فَعَنْ الْمَنْدُوبِ أَوْلَى، وَلَوْ وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِيهِ لِلْغُسْلِ وَيَكْفِيهِ لِلْوُضُوءِ تَوَضَّأَ بِهِ وَتَيَمَّمَ عَنْ الْغُسْلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَلَوْ وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِي الْوُضُوءَ أَيْضًا اسْتَعْمَلَهُ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، وَهَلْ يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْ الْغُسْلِ وَبَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ أَوْ يَتَيَمَّمُ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ ثَانِيًا عَنْ الْغُسْلِ؟ الْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الثَّانِي إنْ لَمْ يَنْوِ بِمَا اسْتَعْمَلَهُ مِنْ الْغُسْلِ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ التَّيَمُّمَ عَقِبَ جَمِيعِ الْأَغْسَالِ الْآتِيَةِ لَكَانَ أَوْلَى لِشُمُولِ الْحُكْمِ لِكُلِّهَا. وَقَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ يَتَنَاوَلُ الْفِقْدَانَ وَالْمَرَضَ وَالْجِرَاحَةَ وَالْبَرْدَ وَنَحْوَ ذَلِكَ (وَ) الْغُسْلُ الثَّانِي لِدُخُولِ الْحَرَمِ، وَالْغُسْلُ الثَّالِثُ: (لِدُخُولِ مَكَّةَ) وَلَوْ حَلَالًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي الْمُحْرِمِ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْحَلَالِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ هَذَا مِنْ أَغْسَالِ الْحَجِّ إلَّا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَقَعُ فِيهِ، وَلَوْ فَاتَ لَمْ يَبْعُدْ نَدْبُ قَضَائِهِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَغْسَالِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ، مَا لَوْ أَحْرَمَ الْمَكِّيُّ بِعُمْرَةٍ مِنْ قَرِيبٍ كَالتَّنْعِيمِ وَاغْتَسَلَ لَمْ يُنْدَبْ لَهُ الْغُسْلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَيَظْهَرُ مِثْلُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْحَجِّ إذَا أَحْرَمَ بِهِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ لِكَوْنِهِ لَمْ يَخْطِرْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا هُنَاكَ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَوْ لِكَوْنِهِ مُقِيمًا هُنَاكَ (وَ) الْغُسْلُ الرَّابِعُ بَعْدَ الزَّوَالِ (لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ) وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهُ بِنَمِرَةَ، وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ فِي غَيْرِهَا وَقَبْلَ الزَّوَالِ بَعْدَ الْفَجْرِ، لَكِنْ تَقْرِيبُهُ لِلزَّوَالِ أَفْضَلُ كَتَقْرِيبِهِ مِنْ ذَهَابِهِ فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ، وَسُمِّيَتْ عَرَفَةَ قِيلَ لِأَنَّ آدَمَ وَحَوَّاءَ تَعَارَفَا ثَمَّ، وَقِيلَ: لِأَنَّ جِبْرِيلَ عَرَّفَ فِيهَا إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَنَاسِكَهُ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ (وَ) الْغُسْلُ الْخَامِسُ بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ لِلْوُقُوفِ (بِمُزْدَلِفَةَ) عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ (غَدَاةَ) يَوْمِ (النَّحْرِ) أَيْ بَعْدَ فَجْرِهِ (وَ) الْغُسْلُ السَّادِسُ (فِي) كُلِّ يَوْمٍ مِنْ (أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) الثَّلَاثَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>