للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَبْتَدِئُ بِطَوَافِ الْقُدُومِ، وَيَخْتَصُّ طَوَافُ الْقُدُومِ بِحَاجٍّ دَخَلَ مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ.

وَمَنْ قَصَدَ مَكَّةَ لَا لِنُسُكٍ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ،

ــ

[مغني المحتاج]

اسْتِحْبَابِ الدُّخُولِ مِنْهُ لِكُلِّ قَادِمٍ سَوَاءٌ أَكَانَ فِي طَرِيقِهِ أَمْ لَا بِخِلَافِ الدُّخُولِ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا، فَإِنْ فِيهِ الْخِلَافَ الْمَارَّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الدَّوَرَانَ حَوْلَ الْمَسْجِدِ لَا يَشُقُّ بِخِلَافِهِ حَوْلَ الْبَلَدِ، وَيُسَنُّ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَابِ بَنِي مَخْزُومٍ إلَى الصَّفَا، وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِبَابِ الصَّفَا، وَمِنْ بَابِ بَنِي سَهْمٍ إذَا خَرَجَ إلَى بَلَدِهِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى الْيَوْمَ بِبَابِ الْعُمْرَةِ.

(وَيَبْتَدِئُ) نَدْبًا أَوَّلَ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ قَبْلَ تَغْيِيرِ ثِيَابِهِ وَاكْتِرَاءِ مَنْزِلِهِ وَنَحْوِهِمَا (بِطَوَافِ الْقُدُومِ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الطَّوَافَ تَحِيَّةُ الْبَيْتِ لَا الْمَسْجِدِ فَلِذَلِكَ يُبْدَأُ بِهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ خَافَ فَوْتَ مَكْتُوبَةٍ أَوْ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ أَوْ وَجَدَ جَمَاعَةً قَائِمَةً أَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً مَكْتُوبَةً، فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ ذَلِكَ عَلَى الطَّوَافِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَلَوْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ قَطَعَهُ وَصَلَّى؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ يَفُوتُ وَالطَّوَافُ لَا يَفُوتُ، وَلَوْ حَضَرَتْ جِنَازَةٌ قَطَعَهُ إنْ كَانَ نَفْلًا نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ مَنْ لَهُ عُذْرٌ يَبْدَأُ بِإِزَالَتِهِ، وَلَوْ قَدِمَتْ امْرَأَةٌ نَهَارًا وَهِيَ ذَاتُ جَمَالٍ أَوْ شَرَفٍ. وَهِيَ الَّتِي لَا تَبْرُزُ لِلرِّجَالِ سُنَّ لَهَا أَنْ تُؤَخِّرَهُ إلَى اللَّيْلِ، وَقَيَّدَهُ بَعْضٌ بِمَا إذَا أَمِنَتْ الْحَيْضَ الَّذِي يَطُولُ زَمَنُهُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ حَسَنٌ، وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ مُنِعَ النَّاسُ مِنْ الطَّوَافِ صَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ الطَّوَافَ عَلَيْهَا فِيمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ إتْيَانِ الْمَسْجِدِ الْبَيْتَ وَتَحِيَّتُهُ الطَّوَافُ، وَلِأَنَّهَا تَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْهِ غَالِبًا، وَلَوْ أَخَّرَ طَوَافَ الْقُدُومِ فَفِي فَوَاتِهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِالْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا تَفُوتُ بِهِ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ، نَعَمْ يَفُوتُ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لَا بِالْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ (وَيَخْتَصُّ طَوَافُ الْقُدُومِ) فِي الْمُحْرِمِ (بِحَاجٍّ دَخَلَ مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ) مُفْرِدًا كَانَ أَوْ قَارِنًا؛ لِأَنَّ الْحَاجَّ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَالْمُعْتَمِرَ قَدْ دَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِمَا الْمَفْرُوضِ، فَلَا يَصِحُّ قَبْلَ أَدَائِهِ أَنْ يَتَطَوَّعَا بِطَوَافٍ قِيَاسًا عَلَى أَصْلِ النُّسُكِ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا نَحْنُ فِيهِ الصَّلَاةَ حَيْثُ أَمَرَ بِالتَّحِيَّةِ قَبْلَ الْفَرْضِ. أَمَّا الْحَلَالُ فَيُسَنُّ طَوَافُ الْقُدُومِ لَهُ وَإِنْ أَوْهَمَتْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ خِلَافَهُ وَكَمَا يُسَمَّى طَوَافَ الْقُدُومِ يُسَمَّى طَوَافَ الْقَادِمِ وَطَوَافَ الْوُرُودِ وَالْوَارِدِ وَالتَّحِيَّةِ.

فَائِدَةٌ: قَالَ ابْنُ أَسْبَاطٍ: بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَزَمْزَمَ قُبُورُ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ نَبِيًّا، وَإِنَّ قَبْرَ هُودٍ وَصَالِحٍ وَشُعَيْبٍ وَإِسْمَاعِيلَ فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: اُعْتُرِضَ عَلَى تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ مَقْلُوبٌ وَصَوَابُهُ وَيَخْتَصُّ حَاجٌّ دَخَلَ مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِطَوَافِ الْقُدُومِ فَإِنَّ الْبَاءَ تَدْخُلُ عَلَى الْمَقْصُورِ اهـ لَكِنَّ هَذَا أَكْثَرِيٌّ لَا كُلِّيٌّ فَالتَّعْبِيرُ بِالصَّوَابِ خَطَأٌ.

(وَمَنْ قَصَدَ مَكَّةَ) أَوْ الْحَرَمَ (لَا لِنُسُكٍ اُسْتُحِبَّ) لَهُ (أَنْ يُحْرِمَ بِحَجٍّ) إنْ كَانَ فِي أَشْهُرِهِ وَيُمْكِنُهُ إدْرَاكَهُ (أَوْ عُمْرَةٍ) قِيَاسًا عَلَى التَّحِيَّةِ وَهَذَا مَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَعَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي عَامَّةِ كُتُبِهِ (وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ) وَهُوَ مَنْصُوصُ الْأُمِّ وَجَعَلَهُ فِي الْبَيَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>