للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَخْتَصُّ الذَّبْحُ بِزَمَنٍ قُلْت: الصَّحِيحُ اخْتِصَاصُهُ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ بَابِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ عَلَى الصَّوَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْحَلْقُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ لَا آخِرَ لِوَقْتِهَا، وَإِذَا قُلْنَا: الْحَلْقُ نُسُكٌ فَبِفِعْلِ اثْنَيْنِ: مِنْ الرَّمْيِ

ــ

[مغني المحتاج]

لِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ يَنْتَهِي بِالزَّوَالِ، فَيَكُونُ لِرَمْيِهِ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ فَضِيلَةِ إلَى الزَّوَالِ، وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ إلَى الْغُرُوبِ، وَوَقْتُ جَوَازٍ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (وَلَا يَخْتَصُّ الذَّبْحُ) لِلْهَدْيِ الْمُتَقَرَّبِ بِهِ (بِزَمَنٍ) لَكِنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْحَرَمِ، بِخِلَافِ الضَّحَايَا فَتَخْتَصُّ بِالْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ (قُلْت: الصَّحِيحُ اخْتِصَاصُهُ) بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ، (وَسَيَأْتِي) لِلْمُحَرَّرِ (فِي آخِرِ بَابِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ عَلَى الصَّوَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَوَقْتُهُ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ، هَذَا بَنَاهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ أَنَّ مُرَادَ الرَّافِعِيِّ بِالْهَدْيِ هُنَا: الْمُسَاقُ تَقَرُّبًا لِلَّهِ تَعَالَى فَاعْتَرَضَهُ هُنَا وَفِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ.

وَاعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ الْمُصَنِّفَ بِأَنَّ الْهَدْيَ يُطْلَقُ عَلَى دَمِ الْجُبْرَانَاتِ وَالْمَحْظُورَاتِ وَهَذَا لَا يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَفِي قَوْلِهِ أَوَّلًا ثُمَّ يَذْبَحُ مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ، وَعَلَى مَا يُسَاقُ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَصُّ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي آخِرِ بَابِ، مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ، فَلَمْ يَتَوَارَدْ الْكَلَامَانِ عَلَى مَحِلٍّ وَاحِدٍ حَتَّى يُعَدَّ ذَلِكَ تَنَاقُضًا، وَقَدْ أَوْضَحَ الرَّافِعِيُّ، ذَلِكَ فِي بَابِ الْهَدْيِ مِنْ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ، فَذَكَرَ أَنَّ الْهَدْيَ يَقَعُ عَلَى الْكُلِّ، وَأَنَّ الْمَمْنُوعَ فِعْلُهُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ هُوَ مَا يَسُوقُهُ الْمُحْرِمُ لَكِنَّهُ لَمْ يُفْصِحْ فِي الْمُحَرَّرِ عَنْ الْمُرَادِ كَمَا أَفْصَحَ عَنْهُ فِي الْكَبِيرِ، فَظَنَّ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ وَاحِدَةٌ فَاسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ، وَكَيْفَ يَجِيءُ الِاسْتِدْرَاكُ مَعَ تَصْرِيحِ الرَّافِعِيِّ هُنَاكَ بِمَا يُبَيِّنُ الْمُرَادَ اهـ.

أَيْ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَحْمِلَ كَلَامَهُ هُنَا عَلَى كَلَامِهِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَإِنْ كَانَ الْهَدْيُ إنَّمَا يَنْصَرِفُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ الْمَحْمَلِ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ حَيْثُ أَمْكَنَ بَيْنَ كَلَامَيْنِ ظَاهِرُهُمَا التَّنَاقُضُ يَكُونُ أَوْلَى مِنْ الِاعْتِرَاضِ (وَالْحَلْقُ) الْمَعْنَى السَّابِقُ أَوْ التَّقْصِيرُ (وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ) إنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَ بَعْدَ طَوَافَ قُدُومٍ (لَا آخِرَ لِوَقْتِهَا) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّأْقِيتِ وَيَبْقَى مَنْ هِيَ عَلَيْهِ مُحْرِمًا حَتَّى يَأْتِيَ بِهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُهَا يَوْمَ النَّحْرِ. وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا عَنْ يَوْمِهِ وَعَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَشَدَّ كَرَاهَةً، وَعَنْ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ أَشَدَّ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي جَوَازِ تَأْخِيرِهَا عَنْ أَيَّامِ الْحَجِّ.

فَإِنْ قِيلَ: بَقَاؤُهُ عَلَى إحْرَامِهِ يُشْكِلُ بِقَوْلِهِمْ: لَيْسَ لِصَاحِبِ الْفَوَاتِ أَنْ يَصْبِرَ عَلَى إحْرَامِهِ لِلسَّنَةِ الْقَابِلَةِ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْإِحْرَامِ كَابْتِدَائِهِ وَابْتِدَاؤُهُ لَا يَجُوزُ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ فِي تِلْكَ لَا يَسْتَفِيدُ بِبَقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ شَيْئًا غَيْرَ مَحْضِ تَعْذِيبِ نَفْسِهِ لِخُرُوجِ وَقْتِ الْوُقُوفِ فَحَرُمَ بَقَاؤُهُ عَلَى إحْرَامِهِ وَأُمِرَ بِالتَّحَلُّلِ. وَأَمَّا هُنَا فَوَقْتُ مَا أَخَّرَهُ بَاقٍ فَلَا يَحْرُمُ بَقَاؤُهُ عَلَى إحْرَامِهِ وَلَا يُؤْمَرُ بِالتَّحَلُّلِ، وَهُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا ثُمَّ مَدَّهَا بِالْقِرَاءَةِ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ.

فَإِنْ كَانَ طَافَ لِلْوَدَاعِ وَخَرَجَ وَقَعَ عَنْ طَوَافِ الْفَرْضِ، وَإِنْ لَمْ يَطُفْ لِلْوَدَاعِ وَلَا غَيْرِهِ لَمْ يَسْتَبِحْ النِّسَاءَ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ لِبَقَائِهِ مُحْرِمًا (وَإِذَا قُلْنَا: الْحَلْقُ نُسُكٌ) وَهُوَ الْمَشْهُورُ (فَفَعَلَ اثْنَيْنِ مِنْ الرَّمْيِ) أَيْ يَوْمَ النَّحْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>