للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا اسْتِنْجَاءَ لِدُودٍ، وَبَعَرٍ بِلَا لَوْثٍ فِي الْأَظْهَرِ.

ــ

[مغني المحتاج]

رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ» (١) وَقَوْلُ الْمُهَذَّبِ وَالْكَافِي إنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْيَمِينِ لِلنَّهْيِ الصَّرِيحِ فِيهِ أَوَّلَهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ يَقَعُ بِمَا فِي الْيَمِينِ لَا بِالْيَدِ فَلَا مَعْصِيَةَ فِي الرُّخْصَةِ اهـ. .

أَوْ يُقَالُ: إنَّ الْمُرَادَ لَا يَجُوزُ جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ فَيُكْرَهُ، وَيُسَنُّ تَقْدِيمُ الْقُبُلِ عَلَى الدُّبُرِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ عَكْسُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَسْتَعِينَ بِيَمِينِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَيَأْخُذَ الْحَجَرَ بِيَسَارِهِ، بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَصُبُّهُ بِيَمِينِهِ وَيَغْسِلُ بِيَسَارِهِ وَيَأْخُذُ بِهَا ذَكَرَهُ إنْ مَسَحَ الْبَوْلَ عَلَى جِدَارٍ أَوْ حَجَرٍ كَبِيرٍ أَوْ نَحْوِهِ، فَإِنْ كَانَ الْحَجَرُ صَغِيرًا جَعَلَهُ بَيْنَ عَقِبَيْهِ أَوْ بَيْنَ إبْهَامَيْ رِجْلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَضَعَهُ فِي يَمِينِهِ وَيَضَعُ الذَّكَرَ فِي مَوْضِعَيْنِ وَضْعًا لِتَنْتَقِلَ الْبَلَّةُ، وَفِي الْمَوْضِعِ الثَّالِثِ مَسْحًا، وَيُحَرِّكُ يَسَارَهُ وَحْدَهَا، فَإِنْ حَرَّكَ الْيَمِينَ أَوْ حَرَّكَهُمَا كَانَ مُسْتَنْجِيًا بِالْيَمِينِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضَعْ الْحَجَرَ فِي يَسَارِهِ وَالذَّكَرَ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ مَسَّ الذَّكَرِ بِهَا مَكْرُوهٌ، وَشَرَطَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَنْ لَا يَمْسَحَ ذَكَرَهُ فِي الْجِدَارِ صُعُودًا.

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَفِي هَذَا التَّفْصِيلُ نَظَرٌ اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ. وَأَمَّا قُبُلُ الْمَرْأَةِ فَتَأْخُذُ الْحَجَرَ بِيَسَارِهَا إنْ كَانَ صَغِيرًا وَتَمْسَحُهُ ثَلَاثًا وَإِلَّا فَحُكْمُهَا حُكْمُ الرَّجُلِ فِيمَا مَرَّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُسْتَنْجِي بِالْحَجَرِ أَنْ يَضَعَهُ أَوَّلًا عَلَى مَكَان طَاهِرٍ قُرْبَ النَّجَاسَةِ وَأَنْ يُدِيرَهُ بِرِفْقٍ، فَإِنْ أَمَرَّ الْحَجَرَ وَلَمْ يُدِرْهُ وَلَمْ يَنْقُلْ شَيْئًا مِنْ الْخَارِجِ أَجْزَأَهُ، فَإِنْ نَقَلَ مَا لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ تَعَيَّنَ الْمَاءُ. أَمَّا الْقَدْرُ الْمَضْرُورُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَيُعْفَى عَنْهُ، وَأَنْ يَنْظُرَ إلَى الْحَجَرِ الْمُسْتَنْجَى بِهِ قَبْلَ رَمْيِهِ لِيَعْلَمَ هَلْ قَلَعَ أَوْ لَا، وَلِلْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ أَنْ يُدَلِّكَ يَدَهُ بِنَحْوِ أَرْضٍ ثُمَّ يَغْسِلُهَا بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ، وَأَنْ يَنْضَحَ بَعْدَهُ أَيْضًا فَرْجَهُ وَإِزَارَهُ مِنْ دَاخِلِهِ دَفْعًا لِلْوَسْوَاسِ، وَأَنْ يَعْتَمِدَ فِي غَسْلِ الدُّبُرِ عَلَى أُصْبُعِهِ الْوُسْطَى؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ وَلَا يَتَعَرَّضُ لِلْبَاطِنِ وَهُوَ مَا لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ مَنْبَعُ الْوَسْوَاسِ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِلْبِكْرِ أَنْ تُدْخِلَ أُصْبُعَهَا فِي الثُّقْبِ الَّذِي فِي الْفَرْجِ فَتَغْسِلَهُ (وَلَا اسْتِنْجَاءَ لِدُودٍ وَبَعَرٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (بِلَا لَوْثٍ) أَيْ لَا يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِفَوَاتِ مَقْصُودِ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَوْ تَخْفِيفِهَا. وَالثَّانِي يَجِبُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْلُو عَنْ رُطُوبَةٍ خَفِيَتْ. وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَجَمَعَ بَيْنَ الدُّودِ وَالْبَعْرِ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّاهِرِ وَالنَّجِسِ.

خَاتِمَةٌ: الْوَاجِبُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ زَوَالُ النَّجَاسَةِ وَلَا يَضُرُّ شَمُّ رِيحِهَا بِيَدِهِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى بَقَائِهَا عَلَى الْمَحَلِّ وَإِنْ حَكَمْنَا عَلَى يَدِهِ بِالنَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ أَنَّ مَحَلَّ الرِّيحِ بَاطِنُ الْأُصْبُعِ الَّذِي كَانَ مُلَاصِقًا لِلْمَحَلِّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ فِي جَوَانِبِهِ فَلَا تَنْجُسُ بِالشَّكِّ أَوْ أَنَّ هَذَا الْمَحَلَّ قَدْ خَفَّفَ فِيهِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ فَخَفَّفَ فِيهِ هُنَا فَاكْتَفَى بِغَلَبَةِ ظَنِّ زَوَالِ النَّجَاسَةِ، وَهَلْ يُسَنُّ شَمُّ الْيَدِ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ رَائِحَتَهَا هَلْ تَدُلُّ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَحَلِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>