وَفِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ الْقِيمَةُ.
وَيَحْرُمُ قَطْعُ نَبَاتِ الْحَرَمِ الَّذِي لَا يُسْتَنْبَتُ،
ــ
[مغني المحتاج]
الْأَوْلَى كَمَا فِي اخْتِلَافِ الْمُفْتِيَيْنِ وَقُدِّمَ مُثْبِتَيْ الْمِثْلِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ مَعَهُمَا زِيَادَةَ عِلْمٍ بِمَعْرِفَةِ دَقِيقِ الشَّبَهِ، وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَمَا لَا نَقْلَ فِيهِ عَنْ حَيَوَانٍ فِيهِ نَصٌّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَنْ صَحَابِيَّيْنِ، أَوْ عَنْ عَدْلَيْنِ مِنْ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: أَوْ عَنْ صَحَابِيٍّ مَعَ سُكُوتِ الْبَاقِينَ فَيُتْبَعُ مَا حَكَمُوا بِهِ، وَفِي مَعْنَاهُ قَوْلُ كُلِّ مُجْتَهِدٍ غَيْرِ صَحَابِيٍّ مَعَ سُكُوتِ الْبَاقِينَ.
(وَ) يَجِبُ (فِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ) مِمَّا لَا نَقْلَ فِيهِ كَالْجَرَادِ وَبَقِيَّةِ الطُّيُورِ مَا عَدَا الْحَمَامَ لِمَا سَيَأْتِي، سَوَاءٌ أَكَانَ أَكْبَرَ جُثَّةً مِنْ الْحَمَامِ أَمْ لَا كَالْعُصْفُورِ (الْقِيمَةُ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي الْمُتَقَوِّمَاتِ، وَقَدْ حَكَمَتْ الصَّحَابَةُ بِهَا فِي الْجَرَادِ، وَلِأَنَّهُ مَضْمُونٌ لَا مِثْلَ لَهُ فَضَمِنَ بِالْقِيمَةِ كَمَالِ الْآدَمِيِّ وَيُرْجَعُ فِي الْقِيمَةِ إلَى عَدْلَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْعِبْرَةُ فِي هَذِهِ الْقِيمَةِ بِمَوْضِعِ الْإِتْلَافِ أَوْ التَّلَفِ لَا بِمَكَّةَ عَلَى الْمَذْهَبِ أَمَّا مَا لَا مِثْلَ لَهُ مِمَّا فِيهِ نَقْلٌ وَهُوَ الْحَمَامُ، وَهُوَ مَا عَبَّ أَيْ شَرِبَ الْمَاءَ بِلَا مَصٍّ وَهَدَرَ - أَيْ رَجَّعَ صَوْتَهُ - وَغَرَّدَ كَالْيَمَامِ وَالْقُمْرِيِّ وَالدَّلَسِيِّ وَالْفَاخِتَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ كُلِّ مُطَوَّقٍ، فَفِي الْوَاحِدَةِ مِنْهَا شَاةٌ مِنْ ضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ بِحُكْمِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، فَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَفِي مُسْتَنَدِهِمْ وَجْهَانِ
أَصَحُّهُمَا تَوْقِيفٌ بَلَغَهُمْ فِيهِ.
وَالثَّانِي مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الشَّبَهِ وَهُوَ إلْفُ الْبُيُوتِ، وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِي بَعْضِ أَنْوَاعِ الْحَمَامِ، إذْ لَا يَأْتِي فِي الْفَوَاخِتِ وَنَحْوِهَا، وَأَلْحَقَ الْجُرْجَانِيِّ الْهُدْهُدَ بِالْحَمَامِ فِي التَّضْمِينِ بِشَاةٍ. وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الْهُدْهُدَ الرَّاجِحُ فِيهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَأْكُولٍ.
فُرُوعٌ: لَوْ أَزَالَ إحْدَى مَنَعَتَيْ النَّعَامَةِ وَنَحْوِهَا وَهُمَا قُوَّةُ عَدْوِهَا وَطَيَرَانِهَا اُعْتُبِرَ النَّقْصُ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ وَاحِدٌ، فَالزَّائِلُ بَعْضُ الِامْتِنَاعِ فَيَجِبُ النَّقْصُ لَا الْجَزَاءُ الْكَامِلُ، وَلَوْ جَرَحَ ظَبْيًا وَانْدَمَلَ جُرْحُهُ بِلَا إزْمَانٍ فَنَقَصَ عُشْرُ قِيمَتِهِ فَعَلَيْهِ عُشْرُ شَاةٍ لَا عُشْرُ قِيمَتِهَا تَحْقِيقًا لِلْمُمَاثَلَةِ، فَإِنْ بَرِئَ وَلَا نَقْصَ فِيهِ فَالْأَرْشُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَالْحُكُومَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآدَمِيِّ فَيُقَدِّرُ الْقَاضِي فِيهِ شَيْئًا بِاجْتِهَادِهِ مُرَاعِيًا فِي اجْتِهَادِهِ مِقْدَارَ الْوَجَعِ الَّذِي أَصَابَهُ. وَعَلَيْهِ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ أَرْشُهُ، وَلَوْ أَزْمَنَ صَيْدًا لَزِمَهُ جَزَاؤُهُ كَامِلًا كَمَا لَوْ أَزْمَنَ عَبْدًا لَزِمَهُ كُلُّ قِيمَتِهِ، فَإِنْ قَتَلَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ فَعَلَى الْقَاتِلِ جَزَاؤُهُ مُزْمِنًا أَوْ قَتَلَهُ الْمُزْمِنُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ وَاحِدٌ أَوْ بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ مُزْمِنًا. وَلَوْ جَرَحَ صَيْدًا فَغَابَ فَوَجَدَهُ مَيِّتًا وَشَكَّ أَمَاتَ بِجُرْحِهِ أَمْ بِحَادِثٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غَيْرُ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ عَمَّا زَادَ.
(وَيَحْرُمُ) عَلَى مُحْرِمٍ وَحَلَالٍ (قَطْعُ) أَوْ قَلْعُ (نَبَاتِ الْحَرَمِ) الرَّطْبِ (الَّذِي لَا يُسْتَنْبَتُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ لَا يَسْتَنْبِتَهُ الْآدَمِيُّونَ بِأَنْ يَنْبُتَ بِنَفْسِهِ كَالطَّرْفَاءِ شَجَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ الْمَارِّ " وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ " أَيْ لَا يُقْطَعُ " وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ " وَهُوَ بِالْقَصْرِ: الْحَشِيشُ الرَّطْبُ: أَيْ لَا يُنْتَزَعُ بِقَطْعٍ وَلَا بِقَلْعٍ، وَقِيسَ بِمَا فِي الْخَبَرِ غَيْرُهُ مِمَّا ذُكِرَ، وَخَرَجَ بِالرَّطْبِ الْحَشِيشُ الْيَابِسُ فَيَجُوزُ قَطْعُهُ لَا قَلْعُهُ وَالشَّجَرُ الْيَابِسُ فَيَجُوزُ قَطْعُهُ وَقَلْعُهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّجَرِ وَالْحَشِيشِ فِي الْقَلْعِ أَنَّ الْحَشِيشَ يَنْبُتُ بِنُزُولِ الْمَاءِ عَلَيْهِ. قَالَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute