للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهُ التَّحَلُّلُ فِي الْحَالِ فِي الْأَظْهَرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِذَا أَحْرَمَ الْعَبْدُ بِلَا إذْنٍ فَلِسَيِّدِهِ تَحْلِيلُهُ

ــ

[مغني المحتاج]

مِنْهَا، وَصَحَّحَ الْفَارِقِيُّ آخِرَهَا بِأَنْ يَعْرِفَ مَا يَتَأَتَّى بِقِيمَتِهِ طَعَامًا فَيَصُومَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا (وَلَهُ) إذَا انْتَقَلَ إلَيَّ الصَّوْمِ (التَّحَلُّلُ فِي الْحَالِ) عِنْدَهُ (فِي الْأَظْهَرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ التَّحَلُّلَ إنَّمَا شُرِعَ لِدَفْعِ الْمَشَقَّةِ، فَلَوْ وَقَفْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ لَحِقَهُ الْمَشَقَّةُ لِتَضَرُّرِهِ بِالْمُقَامِ عَلَى الْإِحْرَامِ. وَالثَّانِي يَتَوَقَّفُ عَلَى الصَّوْمِ كَالْإِطْعَامِ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِمَا تَقَدَّمَ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْمَانِعِ الثَّالِثِ وَهُوَ الرِّقُّ فَقَالَ (وَإِذَا أَحْرَمَ الْعَبْدُ) وَفِي مَعْنَاهُ الْأَمَةُ وَلَوْ مُبَعَّضًا فِي غَيْرِ نَوْبَتِهِ، أَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ مُكَاتَبًا، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، أَوْ مُعَلَّقًا عِتْقُهُ بِصِفَةٍ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ فِيمَا أَحْرَمَ بِهِ (فَلِسَيِّدِهِ تَحْلِيلُهُ) بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِالتَّحَلُّلِ؛ لِأَنَّ إحْرَامَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ إذْ لَا نُسُكَ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ تَقْرِيرَهُ عَلَى إحْرَامِهِ يُعَطِّلُ عَلَيْهِ مَنَافِعَهُ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا فَإِنَّهُ قَدْ يُرِيدُ مِنْهُ مَا لَا يُبَاحُ لِلْمُحْرِمِ كَالِاصْطِيَادِ وَإِصْلَاحِ الطِّيبِ وَقُرْبَانِ الْأَمَةِ، وَكَذَا يَجُوزُ لِمُشْتَرِيهِ تَحْلِيلُهُ، وَلَا خِيَارَ لَهُ عِنْدَ جَهْلِهِ بِإِحْرَامِهِ لَكِنْ الْأَوْلَى لَهُمَا أَنْ يَأْذَنَا لَهُ فِي إتْمَامِ نُسُكِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي السَّيِّدِ وَمِثْلُهُ الْمُشْتَرِي، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ أَحْرَمَ بِلَا إذْنٍ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْمُضِيِّ فِيهِ لَمْ يَمْلِكْ تَحْلِيلَهُ فِيمَا بَعْدُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ أَسْلَمَ عَبْدٌ حَرْبِيٌّ ثُمَّ أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ غَنِمْنَاهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا تَحْلِيلُهُ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْبَالِغِ فَإِنَّ الصَّغِيرَ لَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَإِنْ صَحَّحْنَا إحْرَامَ الْغَيْرِ الْحُرِّ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ اهـ.

وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ، فَإِذَنْ لَا فَرْقَ، وَلِلرَّقِيقِ أَنْ يَتَحَلَّلَ قَبْلَ أَمْرِ سَيِّدِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي مَجْمُوعِهِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ فِي الزَّوْجَةِ لَكِنْ قِيَاسُهُ عَلَى الزَّوْجَةِ مَمْنُوعٌ لِمَا سَيَأْتِي، وَالْأَقْرَبُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ أَنَّ لَهُ التَّحَلُّلَ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ سَيِّدُهُ، بَلْ إذَا أَمَرَهُ بِهِ لَزِمَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَعَلَيْهِ التَّحَلُّلُ حِينَئِذٍ فَيَحْلِقُ وَيَنْوِي التَّحَلُّلَ، فَعُلِمَ أَنَّ إحْرَامَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحِيحٌ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَتَحَلَّلْ فَلَهُ اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَتِهِ مِنْهُ وَالْإِثْمُ عَلَيْهِ، وَلَا يَرْتَفِعُ إحْرَامُهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَيُؤْخَذُ مِنْ بَقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ أَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ صَيْدًا لَمْ يَحِلَّ وَإِنْ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ بِذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخِي وَغَيْرُهُ، وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ بَعْضَ الْعَصْرِيِّينَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَإِنْ كَانَ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَاجِبًا لِكَوْنِهِ تَلَبَّسَ بِعِبَادَةٍ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ جَوَازِ رِضَا السَّيِّدِ بِدَوَامِهِ وَإِنْ أَحْرَمَ بِإِذْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ أَيْضًا وَلَا لِمَنْ اشْتَرَاهُ، لَكِنْ يَتَخَيَّرُ إنْ جَهِلَ، وَلِلسَّيِّدِ الرُّجُوعُ فِي الْإِذْنِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، فَلَوْ أَحْرَمَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِرُجُوعِهِ فَلَهُ تَحْلِيلُهُ، وَلَوْ أَنْكَرَ السَّيِّدُ الْإِذْنَ صُدِّقَ.

قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَفِي تَصْدِيقِ السَّيِّدِ فِي تَقْدِيمِ رُجُوعِهِ تَرَدُّدٌ اهـ.

وَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَصْدِيقُهُ: أَيْ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ وَقْتَ الرُّجُوعِ وَإِلَّا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ كَالِاخْتِلَافِ فِي الرَّجْعَةِ. وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْعُمْرَةِ فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ جَازَ لَهُ تَحْلِيلُهُ، لَا إنْ أَذِنَ فِي الْحَجِّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ لِأَنَّهَا دُونَهُ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّمَتُّعِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ رَجَعَ فِي الْإِذْنِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ، وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُمَا بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>