وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ
ــ
[مغني المحتاج]
إلَى الِانْعِقَادِ بِالْكِنَايَةِ كَمَا تَقَرَّرَ لَا إلَى كَوْنِ جَعَلْته مِنْ الْكِنَايَاتِ فَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ، فَلَوْ قَالَ: وَيَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ فِي الْأَصَحِّ كَجَعَلْتُهُ لَك بِكَذَا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ لَكَانَ أَحْسَنَ. وَالثَّانِي: لَا يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ لَا يَدْرِي أَخُوطِبَ بِبَيْعٍ أَمْ بِغَيْرِهِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذِكْرَ الْعِوَضِ ظَاهِرٌ فِي إرَادَةِ الْبَيْعِ، وَمِنْ الْكِنَايَةِ بَاعَكَهُ اللَّهُ بِكَذَا كَأَقَالَكَ اللَّهُ مِنْهُ بِكَذَا أَوْ رَدَّهُ اللَّهُ عَلَيْك فِي الْإِقَالَةِ بِخِلَافِ أَبْرَأَك اللَّهُ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ كَطَلَّقَكِ اللَّهُ، وَضَابِطُ ذَلِكَ: أَنَّ مَا اسْتَقَلَّ بِهِ الشَّخْصُ وَحْدَهُ كَالْبَرَاءَةِ كَانَ صَرِيحًا وَمَا لَا كَالْبَيْعِ فَكِنَايَةٌ، وَلَيْسَ مِنْ كِنَايَةِ الْبَيْعِ أَبَحْتُكَ إيَّاهُ بِكَذَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْإِبَاحَةِ مَجَّانًا فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهَا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ، وَاسْتُثْنِيَ فِي الْمَطْلَبِ صِحَّةُ طَلَاقِ السَّكْرَانِ بِالْكِنَايَةِ. قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَقِيَاسُهُ مَنْعُ صِحَّةِ بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ بِهَا اهـ.
وَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَيَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ مَعَ النِّيَّةِ سَائِرُ الْعُقُودِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ التَّعْلِيقَ، فَإِنْ تَوَفَّرَتْ الْقَرَائِنُ عَلَى إرَادَةِ الْبَيْعِ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَجَبَ الْقَطْعُ بِصِحَّتِهِ، وَالنِّكَاحُ وَبَيْعُ الْوَكِيلِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الْإِشْهَادُ لَا يَنْعَقِدَانِ بِهَا؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى النِّيَّةِ. نَعَمْ إنْ تَوَفَّرَتْ الْقَرَائِنُ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ. قَالَ الْغَزَالِيُّ: فَالظَّاهِرُ انْعِقَادُهُ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النِّكَاحِ أَنَّ النِّكَاحَ يُحْتَاطُ لَهُ أَكْثَرَ، وَصُورَةُ الشَّرْطِ أَنْ يَقُولَ: بِعْ هَذَا عَلَى أَنْ تُشْهِدَ. فَإِنْ قَالَ: بِعْ وَأَشْهِدْ لَمْ يَكُنْ الْإِشْهَادُ شَرْطًا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَرْعَشِيُّ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ وَالْكِتَابَةُ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ عَلَى نَحْوِ لَوْحٍ أَوْ وَرَقٍ أَوْ أَرْضٍ كِنَايَةٌ فِي ذَلِكَ، فَيَنْعَقِدُ بِهَا مَعَ النِّيَّةِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ عَلَى الْمَائِعِ وَنَحْوِهِ كَالْهَوَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ كِنَايَةً لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ، وَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ مِنْ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ حَالَ الِاطِّلَاعِ لِيَقْتَرِنَ بِالْإِيجَابِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. فَإِذَا قَبِلَ فَلَهُ الْخِيَارُ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِ قَبُولِهِ، وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْكَاتِبِ مُمْتَدًّا إلَى أَنْ يَنْقَطِعَ خِيَارُ صَاحِبِهِ حَتَّى لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ الْإِيجَابِ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ مَجْلِسَهُ صَحَّ رُجُوعُهُ وَلَمْ يَنْعَقِدْ الْبَيْعُ: أَيْ لَمْ يَسْتَمِرَّ وَإِنْ كَتَبَ بِذَلِكَ لِحَاضِرٍ صَحَّ أَيْضًا فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ، رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَالسُّبْكِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَوْ بَاعَ مِنْ غَائِبٍ كَأَنْ قَالَ: بِعْت دَارًا لِفُلَانٍ وَهُوَ غَائِبٌ فَقَبِلَ حِينَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ صَحَّ كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ بَلْ أَوْلَى. .
فَرْعٌ: يَصِحُّ الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ بِالْعَجَمِيَّةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ قَطْعًا، وَفِي النِّكَاحِ خِلَافُ التَّعَبُّدِ، وَالْأَصَحُّ فِيهِ الصِّحَّةُ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ) بَيْنَ الْإِيجَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute