وَكَذَا الدُّهْنُ فِي الْأَصَحِّ.
ــ
[مغني المحتاج]
مَعْنَى نَجَسِ الْعَيْنِ.
أَمَّا مَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ كَالثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ وَالْآجُرِّ الْمَعْجُونِ بِمَائِعٍ نَجِسٍ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِإِمْكَانِ طُهْرِهِ (وَكَذَا الدُّهْنُ) كَالزَّيْتِ إذْ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ لَمَا أَمَرَ بِإِرَاقَةِ السَّمْنِ فِيمَا رَوَى ابْنُ حِبَّانَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي السَّمْنِ فَإِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَأَرِيقُوهُ» ، وَالثَّانِي يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ بِغَسْلِهِ بِأَنْ يُوضَعَ عَلَى قُلَّتَيْنِ مَاءٌ أَوْ يُصَبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ يُغْمَرُهُ ثُمَّ يُحَرَّكُ حَتَّى يَصِلَ إلَى جَمِيعِ أَجْزَائِهِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُكَرَّرَةٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَهَا فِي بَابِ النَّجَاسَاتِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ صِحَّةُ بَيْعِهِ إذَا قُلْنَا: إنَّهُ يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ وَهُوَ وَجْهٌ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ لِخَبَرِ الْفَأْرَةِ الْمُتَقَدِّمِ، وَيُشْكِلُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ (وَبَيْنَ الثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ حَيْثُ صَحَّ بَيْعُهُ) قَطْعًا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي بَيْعِ الْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ وَمُقْتَضَاهُ الْمَنْعُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَلْزَمُ مِنْ مَنْعِ بَيْعِ الْآجُرِّ فَسَادُ بَيْعِ الدَّارِ الْمَبْنِيَّةِ بِهِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْبِنَاءَ إنَّمَا يَدْخُلُ تَبَعًا فِي بَيْعِ الدَّارِ لِلطَّاهِرِ مِنْهَا كَالْحَجَرِ وَالْخَشَبِ، فَاغْتُفِرَ فِيهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِهَا كَالْحَيَوَانِ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَبِبَاطِنِهِ النَّجَاسَةُ، وَيَنْزِلُ كَلَامُهُمْ عَلَى بَيْعِ الْآجُرِّ مُنْفَرِدًا، وَفِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ.
وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: صَحَّ بَيْعُهَا لِلْحَاجَةِ، وَيَطَّرِدُ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ الْمُسَمَّدَةِ بِالنَّجَاسَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهَا إلَّا بِإِزَالَةِ مَا وَصَلَ إلَيْهِ السَّمَادُ، وَالطَّاهِرُ مِنْهَا غَيْرُ مَرْئِيٍّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْإِجْمَاعُ الْفِعْلِيُّ عَلَى صِحَّةِ بَيْعِهَا، وَلَوْ تَصَدَّقَ بِدُهْنٍ نَجِسٍ لِنَحْوِ اسْتِصْبَاحٍ بِهِ عَلَى إرَادَةِ نَقْلِ الْيَدِ جَازَ، وَكَالتَّصَدُّقِ الْهِبَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَنَحْوُهُمَا، وَكَالدُّهْنِ السِّرْجِينُ وَالْكَلْبُ وَنَحْوُهُمَا.
فَائِدَةٌ: سُئِلَ السُّبْكِيُّ عَنْ الْوَشْمِ النَّجِسِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ زَوَالُهُ مِنْ الْبَدَنِ هَلْ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ كَالْأَعْيَانِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهَا؟ فَقَالَ: الَّذِي أَرَاهُ الْقَطْعُ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ، وَأَنَّ الْوَشْمَ النَّجِسَ لَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ امْتِنَاعَ بَيْعِ مَا لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ مُفَرَّعٌ عَلَى اشْتِرَاطِ طَهَارَةِ الْعَيْنِ وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّهُ طَاهِرُ الْعَيْنِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute