وَيَصِحُّ فِي الثَّوْبِ الَّذِي لَا يَنْقُصُ بِقَطْعِهِ فِي الْأَصَحِّ.
وَلَا الْمَرْهُونِ بِغَيْرِ إذْنِ مُرْتَهِنِهِ.
وَلَا الْجَانِي الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ فِي الْأَظْهَرِ،
ــ
[مغني المحتاج]
فَإِنَّ إخْرَاجَهُ يُؤَثِّرُ ضَعْفًا فِي الْجِدَارِ (وَيَصِحُّ) الْبَيْعُ (فِي الثَّوْبِ الَّذِي لَا يَنْقُصُ بِقَطْعِهِ) كَغَلِيظِ كِرْبَاسٍ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ لَا يَخْلُو عَنْ تَغْيِيرِ الْمَبِيعِ، وَيَصِحُّ بَيْعُ أَحَدِ مِصْرَاعَيْ بَابٍ وَأَحَدِ زَوْجَيْ خُفٍّ، وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُمَا بِتَفْرِيقِهِمَا؛ لِأَنَّ الْمَالِيَّةَ فِي ذَلِكَ لَمْ تَذْهَبْ بِالْكُلِّيَّةِ لِإِمْكَانِ تَلَافِيهِمَا بِشِرَاءِ الْبَائِعِ مَا بَاعَهُ أَوْ بِشِرَاءِ الْمُشْتَرِي مَا بَقِيَ بِخِلَافِ مَالِيَّةِ الثَّوْبِ أَوْ نَحْوِهِ الَّذِي يَنْقُصُ بِقَطْعِهِ فَإِنَّهَا ذَهَبَتْ بِالْكُلِّيَّةِ لَا تَدَارُكَ لَهَا، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ فَصٍّ فِي خَاتَمٍ؛ لِأَنَّ فَصْلَهُ يُوجِبُ النَّقْصَ وَلَا بَيْعُ ثَلْجٍ وَبَرَدٍ وَجَمْدٍ وَهُمَا يَسِيلَانِ قَبْلَ وَزْنِهِمَا، هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا قِيمَةٌ عِنْدَ السَّيَلَانِ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ شَيْخُنَا: أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ وَإِنْ زَالَ الِاسْمُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بَيْضًا فَفَرَّخَ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالْجَمْدُ بِسُكُونِ الْمِيمِ هُوَ الْمَاءُ الْجَامِدُ مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ.
(وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ (الْمَرْهُونِ) بَعْدَ قَبْضِهِ (بِغَيْرِ إذْنِ مُرْتَهِنِهِ) لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ شَرْعًا. أَمَّا قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ بَعْدَهُ بِإِذْنِ مُرْتَهِنِهِ فَيَصِحُّ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ، وَيَلْتَحِقُ بِالْمَرْهُونِ كُلُّ عَيْنٍ اُسْتُحِقَّ حَبْسُهَا كَمَا لَوْ قَصَّرَ الثَّوْبَ أَوْ صَبَغَهُ. وَقُلْنَا الْقِصَارَةُ عَيْنٌ فَإِنَّ لَهُ الْحَبْسَ إلَى قَبْضِ الْأُجْرَةِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ قَصَّارًا عَلَى قَصْرِ ثَوْبٍ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ مَا لَمْ يَقْصِرْهُ كَمَا جَزَمَا بِهِ فِي بَابِ بَيْعِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَبَيْعُ الْمَرْهُونِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ فَكِّهِ صَحِيحٌ كَمَا نَقَلَ الْإِمَامُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ.
(وَلَا) بَيْعُ (الْجَانِي الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ) بِغَيْرِ إذْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَقَبْلَ اخْتِيَارِ السَّيِّدِ الْفِدَاءَ (فِي الْأَظْهَرِ) لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهِ كَالْمَرْهُونِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ تُقَدَّمُ عَلَى الرَّهْنِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْأَرْشُ مُسْتَغْرِقًا لِقِيمَةِ الرَّقَبَةِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَوْجَبَ الْمَالَ بِإِتْلَافِ مَالٍ أَمْ لَا كَقَتْلٍ خَطَإٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ أَوْ عَمْدٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ أَوْ فِيهِ قِصَاصٌ وَعَفَا مُسْتَحِقُّهُ عَلَى مَالٍ. وَالثَّانِي يَصِحُّ فِي الْمُوسِرِ، وَقِيلَ: وَالْمُعْسِرِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ، بِخِلَافِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ السَّيِّدُ الْمُوسِرُ بِبَيْعِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَقِيلَ: لَا بَلْ هُوَ عَلَى خِيَرَتِهِ إنْ شَاءَ أَمْضَى الْبَيْعَ وَإِلَّا فَسَخَ، فَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ صَحَّ جَزْمًا، وَالْفِدَاءُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ، وَلَا يُشْكِلُ صِحَّةُ الْبَيْعِ بِصِحَّةِ رُجُوعِهِ عَنْ الِاخْتِيَارِ؛ لِأَنَّ مَانِعَ الصِّحَّةِ زَالَ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ لِذِمَّةِ السَّيِّدِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي مِلْكِهِ، فَإِذَا بَاعَ لَزِمَهُ الْمَالُ الَّذِي فَدَاهُ بِهِ فَيُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ قَتَلَهُ، فَإِنْ أَدَّاهُ فَذَاكَ وَاضِحٌ وَإِنْ تَعَذَّرَ وَلَوْ لِإِفْلَاسِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ أَوْ صَبْرِهِ عَلَى الْحَبْسِ أَوْ مَوْتِهِ فُسِخَ الْبَيْعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute