فَبَيْعُ الْفُضُولِيِّ بَاطِلٌ، وَفِي الْقَدِيمِ مَوْقُوفٌ إنْ أَجَازَ مَالِكُهُ نَفَذَ، وَإِلَّا فَلَا.
وَلَوْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ وَكَانَ مَيِّتًا
ــ
[مغني المحتاج]
مَوْقُوفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ، وَالرَّأْيُ الْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ أَنَّ الرَّاجِحَ الثَّانِي. قَالَ شَيْخِي وَقَدْ رَجَّحَ الْأَوَّلَ الْمُصَنِّفُ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ أَنْ يَكُونَ لِلْعَاقِدِ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ جَامِعًا مَانِعًا.
تَنْبِيهٌ: كَانَ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمِلْكِ بِالتَّامِّ لِيَخْرُجَ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا سَيَأْتِي.
(فَبَيْعُ الْفُضُولِيِّ) ، وَهُوَ الْبَائِعُ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا وِلَايَةَ (بَاطِلٌ) لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ، وَكَذَا سَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ الْقَابِلَةِ لِلنِّيَابَةِ كَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَةَ غَيْرِهِ أَوْ ابْنَتَهُ أَوْ طَلَّقَ مَنْكُوحَتَهُ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَجَّرَ دَارِهِ أَوْ وَقَفَهَا أَوْ وَهَبَهَا أَوْ اشْتَرَى لَهُ بِعَيْنِ مَالِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا وَلِيٍّ وَلَا وَكِيلٍ، فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّصَرُّفِ بَدَلَ الْبَيْعِ لَشَمِلَ الصُّوَرَ الَّتِي ذَكَرْتهَا (وَفِي الْقَدِيمِ) تَصَرُّفُهُ الْمَذْكُورُ كَمَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ كَمَا مَرَّ (مَوْقُوفٌ) وَقِيلَ لِتَصَرُّفٍ صَحِيحٍ، وَالْمَوْقُوفُ الْمِلْكُ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ عَلَى الْإِجَازَةِ (إنْ أَجَازَ مَالِكُهُ) أَوْ وَلِيُّهُ (نَفَذَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ الْمُعْجَمَةِ: أَيْ مَضَى (وَإِلَّا فَلَا) يَنْفُذُ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُرْسَلًا وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ " أَنَّ عُرْوَةَ الْبَارِقِيَّ قَالَ: دَفَعَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِينَارًا لِأَشْتَرِيَ بِهِ شَاةً فَاشْتَرَيْتُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبِعْتُ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَجِئْتُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَاةٍ وَدِينَارٍ وَذَكَرْتُ لَهُ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِي، فَقَالَ «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي صَفْقَةِ يَمِينِكَ، فَكَانَ لَوْ اشْتَرَى التُّرَابَ رَبِحَ فِيهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
وَهَذَا الْقَوْلُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَنَقَلَهُ جَمَاعَةٌ عَنْ الْجَدِيدِ. وَقَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ: إنَّهُ قَوِيٌّ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ.
وَأُجِيبَ مِنْ جِهَةِ الْأَوَّلِ، بِأَنَّ حَدِيثَ عُرْوَةَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ وَكِيلًا مُطْلَقًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَاعَ الشَّاةَ وَسَلَّمَهَا، وَعِنْدَ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ لَا يَجُوزُ التَّسْلِيمُ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْ الْمَالِكِ، وَالْمُعْتَبَرُ إجَازَةُ مَنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ عِنْدَ الْعَقْدِ حَتَّى لَوْ بَاعَ مَالَ الطِّفْلِ فَبَلَغَ وَأَجَازَ لَمْ يَنْفُذْ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَحْضُرْ الْمَالِكُ، فَلَوْ بَاعَ مَالَ غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: إنْ أَجَازَ مُتَوَلِّيهِ بَدَلَ مَالِكِهِ لَشَمِلَ مَا قَدَّرْتُهُ.
(وَلَوْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ) أَوْ أَبْرَأَ مِنْهُ أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ (ظَانًّا حَيَاتَهُ وَكَانَ مَيْتًا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute