وَإِلَّا فَلَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَمَتَى كَانَ الْعِوَضُ مُعَيَّنًا كَفَتْ مُعَايَنَتُهُ.
ــ
[مغني المحتاج]
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِائَةً، بِأَنْ خَرَجَتْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (فَلَا) يَصِحُّ الْبَيْعُ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَفِي الرَّوْضَةِ الْأَظْهَرُ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَ جُمْلَةِ الثَّمَنِ وَتَفْصِيلِهِ وَالثَّانِي يَصِحُّ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ. فَإِنْ قِيلَ يُشْكِلُ عَلَى الْأَوَّلِ مَا صَحَّحَهُ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الرِّبَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ صُبْرَةَ حِنْطَةٍ بِصُبْرَةِ شَعِيرٍ صَاعًا بِصَاعٍ فَزَادَتْ إحْدَاهُمَا وَرَضِيَ صَاحِبُهَا بِتَسْلِيمِ الزِّيَادَةِ تَمَّ الْبَيْعُ وَلَزِمَ الْآخَرَ قَبُولُهَا أَوْ صَاحِبُ النَّاقِصَةِ بِقَدْرِهَا أَقَرَّ وَإِنْ تَشَاحَّا فُسِخَ الْعَقْدُ. .
أُجِيبَ بِأَنَّ الثَّمَنَ هُنَا عُيِّنَتْ كَمِّيَّتُهُ. فَإِذَا اخْتَلَّ عَنْهَا صَارَ مُبْهَمًا فَأُبْطِلَ بِخِلَافِهِ ثَمَّةَ لَمْ تُعَيَّنْ كَمِّيَّةُ صِيعَانِهِ، وَالصُّبْرَةُ النَّاقِصَةُ قَدْ وَرَدَ الْعَقْدُ عَلَى جَمِيعِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَ صُبْرَةً صَغِيرَةً بِقَدْرِهَا مِنْ كَبِيرَةٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ. أَمَّا إذَا قَابَلَ الْجُمْلَةَ بِالْجُمْلَةِ وَلَمْ يُقَابِلْ الْأَجْزَاءَ بِالْأَجْزَاءِ كَأَنْ قَالَ بِعْتُكهَا بِمِائَةٍ عَلَى أَنَّهَا مِائَةٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ خَرَجَتْ زَائِدَةً أَوْ نَاقِصَةً، وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِمَنْ عَلَيْهِ الضَّرَرُ، فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ لَا تَفْسَخْ وَأَنَا أَقْنَعُ بِالْقَدْرِ الْمَشْرُوطِ أَوْ أَنَا أُعْطِيك ثَمَنَ الزَّائِدِ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُ الْبَائِعِ وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُ الْمُشْتَرِي بِحَطِّ الْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرَ النَّقْصِ وَإِذَا أَجَازَ فَبِالْمُسَمَّى فَقَطْ، أَوْ قَابَلَ الْأَجْزَاءَ بِالْأَجْزَاءِ وَلَمْ يُقَابِلْ الْجُمْلَةَ بِالْجُمْلَةِ كَأَنْ قَالَ بِعْتُكَهَا كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ صَاعٍ، فَهِيَ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَرِيبَةٌ مِنْ الْأُولَى، وَإِنْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالصِّحَّةِ عِنْدَ النُّقْصَانِ، وَخَرَّجَ الزَّائِدَةَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ (وَمَتَى كَانَ الْعِوَضُ) أَوْ الْمُعَوَّضُ (مُعَيَّنًا) قَالَ الشَّارِحُ: أَيْ مُشَاهَدًا، لِأَنَّ الْمُعَيِّنَ صَادِقٌ بِمَا عَيَّنَ بِوَصْفِهِ وَبِمَا هُوَ مُشَاهَدٌ: أَيْ مُعَايَنٌ فَالْأَوَّلُ مِنْ التَّعْيِينِ وَالثَّانِي مِنْ الْمُعَايَنَةِ: أَيْ الْمُشَاهَدَةِ وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: (كَفَتْ مُعَايَنَتُهُ) عَنْ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ اعْتِمَادًا عَلَى التَّخْمِينِ الْمَصْحُوبِ بِهَا، فَلَوْ قَالَ: بِعْتُك بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَوْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ، وَهِيَ مَجْهُولَةُ الْقَدْرِ صَحَّ الْبَيْعُ اعْتِمَادًا عَلَى الْمُشَاهَدَةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوقِعُ فِي النَّدَمِ. فَإِنْ قِيلَ قَدْ صَرَّحَ فِي التَّتِمَّةِ بِأَنَّ مَجْهُولَ الذَّرْعِ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الصُّبْرَةَ لَا تُعْرَفُ تَخْمِينًا غَالِبًا لِتَرَاكُمِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ بِخِلَافِ الْمَذْرُوعِ، وَلَوْ عَلِمَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَنَّ تَحْتَهَا دَكَّةً أَوْ مَوْضِعًا مُنْخَفِضًا أَوْ اخْتِلَافَ أَجْزَاءِ الظَّرْفِ الَّذِي فِيهِ الْعِوَضُ أَوْ الْمُعَوَّضُ مِنْ نَحْوِ ظَرْفِ عَسَلٍ وَسَمْنٍ رِقَّةً وَغِلَظًا بَطَلَ الْعَقْدُ لِمَنْعِهَا تَخْمِينَ الْقَدْرِ فَيَكْثُرُ الْغَرَرُ. قَالَ شَيْخِي: لِأَنَّ التَّخْمِينَ يَضْعُفُ عِنْدَ الْعِلْمِ. نَعَمْ إنْ رَأَى ذَلِكَ قَبْلَ الْوَضْعِ فِيهِ صَحَّ الْبَيْعُ لِحُصُولِ التَّخْمِينِ، وَإِنْ جَهِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا ذَلِكَ بِأَنْ ظَنَّ أَنَّ الْمَحَلَّ مُسْتَوٍ فَظَهَرَ خِلَافُهُ صَحَّ الْبَيْعُ وَخُيِّرَ مَنْ لَحِقَهُ النَّقْصُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ إلْحَاقًا لِمَا ظَهَرَ بِالْعَيْبِ، فَالْخِيَارُ فِي مَسْأَلَةِ الدَّكَّةِ لِلْمُشْتَرِي، وَفِي الْحُفْرَةِ لِلْبَائِعِ، وَقِيلَ إنَّ مَا فِي الْحُفْرَةِ لِلْبَائِعِ وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute