للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْأَصَحُّ أَنَّ وَصْفَهُ بِصِفَةِ السَّلَمِ لَا يَكْفِي، وَيَصِحُّ سَلَمُ الْأَعْمَى وَقِيلَ: إنْ عَمِيَ قَبْلَ تَمْيِيزِهِ فَلَا.

ــ

[مغني المحتاج]

وَكَذَا مَسْلُوخٌ لَمْ يُنَقَّ جَوْفُهُ وَبِيعَ وَزْنًا، فَإِنْ بِيعَ جُزَافًا صَحَّ بِخِلَافِ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ فَيَصِحُّ مُطْلَقًا لِقِلَّةِ مَا فِي جَوْفِهِ، وَلَا بَيْعُ مِسْكٍ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ لِجَهْلِ الْمَقْصُودِ كَنَحْوِ لَبَنٍ مَخْلُوطٍ بِنَحْوِ مَاءٍ. نَعَمْ إنْ كَانَ مَعْجُونًا بِغَيْرِهِ كَالْغَالِيَةِ وَالنَّدِّ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بَيْعُهُمَا لَا الْمِسْكِ وَحْدَهُ، وَلَوْ بَاعَ الْمِسْكَ فِي فَأْرَتِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ فَتَحَ رَأْسَهَا كَاللَّحْمِ فِي الْجِلْدِ، فَإِنْ رَآهَا فَارِغَةً ثُمَّ مُلِئَتْ مِسْكًا لَمْ يَرَهُ ثُمَّ رَأَى أَعْلَاهُ مِنْ رَأْسِهَا أَوْ رَآهُ خَارِجَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَعْدَ رَدِّهِ إلَيْهَا جَازَ، وَلَوْ بَاعَهُ السَّمْنَ وَظَرْفَهُ أَوْ الْمِسْكَ وَفَأْرَتَهُ كُلَّ قِيرَاطٍ بِدِرْهَمٍ مَثَلًا صَحَّ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا إنْ عَرَفَا وَزْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَكَانَ لِلظَّرْفِ قِيمَةٌ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ، وَيَجُوزُ بَيْعُ حِنْطَةٍ مُخْتَلِطَةٍ بِشَعِيرٍ كَيْلًا وَوَزْنًا وَجُزَافًا.

وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ تُرَابِ مَعْدِنٍ قَبْلَ تَمْيِيزِهِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا تُرَابِ صَاغَةٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَسْتُورٌ بِمَا لَا مَصْلَحَةَ لَهُ فِيهِ عَادَةً كَبَيْعِ اللَّحْمِ فِي الْجِلْدِ، وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ عَلَى مِنْسَجٍ قَدْ نُسِجَ بَعْضُهُ فَبَاعَهُ عَلَى أَنْ يَنْسِجَ الْبَائِعُ الْبَاقِيَ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ قَطْعًا نَصَّ عَلَيْهِ.

(وَالْأَصَحُّ أَنَّ وَصْفَهُ) أَيْ الشَّيْءِ الَّذِي يُرَادُ بَيْعُهُ (بِصِفَةِ السَّلَمِ) أَوْ سَمَاعِ وَصْفِهِ بِطَرِيقِ التَّوَاتُرِ (لَا يَكْفِي) عَنْ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّهَا تُفِيدُ أُمُورًا تَقْصُرُ عَنْهَا الْعِبَارَةُ، وَفِي الْخَبَرِ " لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْعِيَانِ " وَالثَّانِي: يَكْفِي، وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ ثَمَرَةَ الرُّؤْيَةِ الْمَعْرِفَةُ وَالْوَصْفُ يُفِيدُهَا، فَإِنْ قِيلَ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِوَصْفِهِ بِطَرِيقِ التَّوَاتُرِ مَعَ قَوْلِ الْأُصُولِيِّينَ إنَّهُ يُفِيدُ الْقَطْعَ مُشْكِلٌ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْلُومَ يَتَفَاوَتُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعِيَانَ أَقْوَى، وَلِهَذَا تَقَدَّمَ فِي تَوْجِيهِهِ أَنَّ الرُّؤْيَةَ تُفِيدُ أُمُورًا تَقْصُرُ عَنْهَا الْعِبَارَةُ (وَيَصِحُّ سَلَمُ الْأَعْمَى) أَيْ أَنْ يُسْلِمَ أَوْ يُسْلَمَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَعْرِفُ الصِّفَاتِ بِالسَّمَاعِ، وَمَحَلُّ هَذَا إذَا كَانَ الْعِوَضُ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ عُيِّنَ فِي الْمَجْلِسِ وَيُوَكِّلُ مَنْ يَقْبِضُ عَنْهُ أَوْ يَقْبِضُ لَهُ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ؛ لِأَنَّ السَّلَمَ يَعْتَمِدُ الْوَصْفَ لَا الرُّؤْيَةَ، فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ مُعَيَّنًا لَمْ يَصِحَّ كَبَيْعِهِ عَيْنًا (وَقِيلَ إنْ عَمِيَ قَبْلَ تَمْيِيزِهِ) بَيْنَ الْأَشْيَاءِ أَوْ خُلِقَ أَعْمَى (فَلَا) يَصِحُّ سَلَمُهُ لِانْتِفَاءِ مَعْرِفَتِهِ بِالْأَشْيَاءِ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلَ، بِأَنَّهُ يَعْرِفُهَا بِالسَّمَاعِ وَيَتَخَيَّلُ فَرْقًا بَيْنَهَا كَبَصِيرٍ يُسْلِمُ فِيمَا لَمْ يَكُنْ رَآهُ كَأَهْلِ خُرَاسَانَ فِي الرُّطَبِ، وَأَهْلِ بَغْدَادَ فِي الْمَوْزِ.

تَنْبِيهٌ: قَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْ الْأَعْمَى مِنْ الْعُقُودِ غَيْرُ السَّلَمِ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ وَيُؤْجِرَهَا لِأَنَّهُ لَا يَجْهَلُهَا، وَأَنْ يَقْبَلَ الْكِتَابَةَ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَهُ أَنْ يُكَاتِبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>