للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ يُعْتَبَرُ الْكَمَالُ أَوَّلًا

فَلَا يُبَاعُ رُطَبٌ بِرُطَبٍ وَلَا بِتَمْرٍ، وَلَا عِنَبٌ بِعِنَبٍ وَلَا بِزَبِيبٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

الْمُمَاثَلَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْجَفَافِ، وَإِلَّا فَالنُّقْصَانُ أَوْضَحُ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهُ، وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا إبْقَاؤُهُ عَلَى هَيْئَةٍ يَتَأَتَّى ادِّخَارُهُ عَلَيْهَا كَالتَّمْرِ بِنَوَاهُ، لِأَنَّهُ إذَا نُزِعَ بَطَلَ كَمَالُهُ لِتَسَارُعِ الْفَسَادِ إلَيْهِ، بِخِلَافِ الْخَوْخِ وَالْمِشْمِشِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّ كَمَالَهُ لَا يَبْطُلُ بِنَزْعِ نَوَاهُ فَإِنَّ الْغَالِبَ فِي تَجْفِيفِهَا: أَيْ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ نَزْعُ نَوَاهُ كَمَا أَنَّ اللَّحْمَ الْمُقَدَّدَ لَا يَبْطُلُ كَمَالُهُ بِنَزْعِ الْعَظْمِ مِنْهُ. وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي فَهْمِ قَوْلِهِ (وَقَدْ يُعْتَبَرُ الْكَمَالُ أَوَّلًا) فَإِنَّهُ مِنْ مُشْكِلَاتِ الْكِتَابِ، فَقَالَ الشَّارِحُ: وَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْعَرَايَا الْآتِيَةِ فِي بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ اهـ.

وَهَذَا أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ لِلْإِسْنَوِيِّ وَقَالَ: إنَّهُ الْأَصَحُّ فِي الْحَمْلِ، وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي: أَنَّهُ أَرَادَ إدْخَالَ الْعَصِيرِ وَالْخَلِّ مِنْ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ، فَإِنَّهُ يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا مَرَّ لَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا يُبَاعُ الرُّطَبُ إلَّا تَمْرًا وَلَا الْعِنَبُ إلَّا زَبِيبًا فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ يُكْتَفَى بِالْكَمَالِ الْأَوَّلِ، وَجَرَى عَلَى هَذَا السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ الْأَوْلَى كَمَا قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ مِنْ الْأَوَّلِ، إذْ يَلْزَمُ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى الْأَوَّلِ اخْتِلَافُ مَفْهُومِ الْكِتَابِ، فَإِنَّهُ يُفْهَمُ حِينَئِذٍ اعْتِبَارُ الْكَمَالِ آخِرًا إلَّا فِي الْعَرَايَا وَلَيْسَ مُرَادًا. وَقَالَ السُّبْكِيُّ: وَقَوْلُهُ أَوَّلًا نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّا إذَا اعْتَبَرْنَا الْكَمَالَ يُكْتَفَى بِالْكَمَالِ الْأَوَّلِ كَالْعَصِيرِ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْآخَرُ كَالْخَلِّ فَكَأَنَّهُ قَالَ: يُعْتَبَرُ الْكَمَالُ وَلَوْ أَوَّلًا. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: كِلَا الْأَمْرَيْنِ فَاسِدٌ. أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّهُ لَا كَمَالَ فِي الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ، وَلَكِنَّهُ رُخِّصَ فِي بَيْعِهِ بِمِثْلِهِ جَافًّا بِشُرُوطِهِ. وَأَمَّا الثَّانِي؛ فَلِأَنَّ تِلْكَ الْحَالَةَ لَيْسَتْ أَوَّلَ أَحْوَالِهِ. قَالَ: وَمَعْنَى كَلَامِ الْكِتَابِ أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ قَدْ تُعْتَبَرُ وَقْتَ كَمَالِ ذَلِكَ الرِّبَوِيِّ فِي أَوَّلِ أَحْوَالِهِ وَهُوَ الْحَلِيبُ فَتُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ ذَلِكَ الْوَقْتَ اهـ.

وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْعَصِيرَ لَيْسَ أَوَّلَ أَحْوَالِ الْكَمَالِ مَمْنُوعٌ، إذْ لَيْسَ لَهُ حَالَةُ كَمَالٍ قَبْلَ الْعَصِيرِ.

تَنْبِيهٌ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَقِيلَ وَهُوَ تَصْحِيفٌ، وَالصَّوَابُ وَقَدْ، وَهَكَذَا هُوَ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُبَاعُ رَطْبُ الْمَطْعُومَاتِ بِرَطْبِهَا بِفَتْحِ الرَّاءِ فِيهِمَا وَلَا بِجَافِّهَا إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْعَرَايَا، سَوَاءٌ أَكَانَ لَهَا حَالَةُ جَفَافٍ كَمَا قَالَ (فَلَا يُبَاعُ رُطَبٌ بِرُطَبٍ) بِضَمِّ الرَّاءِ فِيهِمَا (وَلَا) رَطْبُهَا بِجَافِّهَا كَرُطَبٍ (بِتَمْرٍ، وَلَا عِنَبٌ بِعِنَبٍ وَلَا) عِنَبٌ (بِزَبِيبٍ) وَلَا تِينٌ رَطْبٌ بِتِينٍ رَطْبٍ، وَلَا رَطْبٌ بِيَابِسٍ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ وَقْتَ الْجَفَافِ لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ الْمُتَقَدِّمِ، وَأُلْحِقَ بِالرَّطْبِ فِيمَا ذُكِرَ طَرِيُّ اللَّحْمِ فَلَا يُبَاعُ بِطَرِيِّهِ وَلَا بِقَدِيدِهِ مِنْ جِنْسِهِ. وَيُبَاعُ قَدِيدُهُ بِقَدِيدِهِ بِلَا عَظْمٍ وَلَا مِلْحٍ يَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ، وَلَا تُبَاعُ حِنْطَةٌ بِحِنْطَةٍ مَبْلُولَةٍ وَإِنْ جَفَّتْ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي التَّمْرِ وَالْحَبِّ تَنَاهِي الْجَفَافِ؛ لِأَنَّهُمَا مَكِيلَانِ فَلَا يَظْهَرُ أَثَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>