أَوْ النَّوْعُ كَصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا فَبَاطِلَةٌ.
ــ
[مغني المحتاج]
اشْتَمَلَا جَمِيعُهُمَا عَلَى جِنْسٍ رِبَوِيٍّ وَانْضَمَّ إلَيْهِ غَيْرُ رِبَوِيٍّ فِيهِمَا كَدِرْهَمٍ وَثَوْبٍ بِدِرْهَمٍ وَثَوْبٍ، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا كَدِرْهَمٍ وَثَوْبٍ بِدِرْهَمٍ.
(أَوْ) اخْتَلَفَ (النَّوْعُ) أَيْ نَوْعُ الْمَبِيعِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَعُمُّ الْوَصْفَ، بِأَنْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ الْحَقِيقِيُّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ جَمِيعِهِمَا، بِأَنْ اشْتَمَلَ أَحَدُهُمَا مِنْ جِنْسٍ رِبَوِيٍّ عَلَى نَوْعَيْنِ اشْتَمَلَ الْآخَرُ عَلَيْهِمَا كَمُدِّ تَمْرٍ صَيْحَانِيٍّ وَمُدٍّ بَرْنِيِّ بِمُدِّ تَمْرٍ صَيْحَانِيٍّ وَمُدٍّ بَرْنِيِّ أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا كَمُدٍّ صَيْحَانِيٍّ وَمُدٍّ بَرْنِيِّ بِمُدَّيْ صَيْحَانِيٍّ أَوْ بَرْنِيِّ، أَوْ اخْتَلَفَ الْوَصْفُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ جَمِيعِهِمَا بِأَنْ اشْتَمَلَ أَحَدُهُمَا مِنْ جِنْسٍ رِبَوِيٍّ عَلَى وَصْفَيْنِ اشْتَمَلَ الْآخَرُ عَلَيْهِمَا (كَصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ) تَنْقُصُ قِيمَتُهَا عَنْ قِيمَةِ الصِّحَاحِ (بِهِمَا) أَيْ بِصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ أَوْ جَيِّدَةٍ وَرَدِيئَةٍ بِجَيِّدَةٍ وَرَدِيئَةٍ (أَوْ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ بِصِحَاحٍ فَقَطْ أَوْ بِمُكَسَّرَةٍ فَقَطْ أَوْ بِجَيِّدَةٍ فَقَطْ أَوْ رَدِيئَةٍ فَقَطْ (فَبَاطِلَةٌ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الْقَاعِدَةُ الْمَعْرُوفَةُ بِقَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ.
وَالْأَصْلُ فِيهَا خَبَرُ مُسْلِمٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ «أَتَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقِلَادَةٍ فِيهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ تُبَاعُ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالذَّهَبِ الَّذِي فِي الْقِلَادَةِ فَنُزِعَ وَحْدَهُ ثُمَّ قَالَ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ» ، وَفِي رِوَايَةٍ «لَا تُبَاعُ حَتَّى تُفْصَلَ» وَاسْتُدِلَّ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، بِأَنَّ قَضِيَّةَ اشْتِمَالِ أَحَدِ طَرَفَيْ الْعَقْدِ عَلَى مَالَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ تَوْزِيعُ مَا فِي الْآخَرِ عَلَيْهِمَا اعْتِبَارًا بِالْقِيمَةِ كَمَا فِي بَيْعِ شِقْصٍ مَشْفُوعٍ وَسَيْفٍ بِأَلْفٍ وَقِيمَةُ الشِّقْصِ مِائَةٌ وَالسَّيْفِ خَمْسُونَ، فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ، وَالتَّوْزِيعُ هُنَا يُؤَدِّي إلَى الْمُفَاضَلَةِ أَوْ الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ مُدًّا وَدِرْهَمًا بِمُدَّيْنِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُدِّ الَّذِي مَعَ الدِّرْهَمِ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ لَزِمَتْهُ الْمُفَاضَلَةُ أَوْ مِثْلُهُ فَالْمُمَاثَلَةُ مَجْهُولَةٌ، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ دِرْهَمَيْنِ فَالْمُدُّ ثُلُثَا طَرَفِهِ فَيُقَابِلُهُ ثُلُثَا الْمُدَّيْنِ أَوْ نِصْفُ دِرْهَمٍ فَالْمُدُّ ثُلُثُ طَرَفِهِ، فَيُقَابِلُهُ ثُلُثُ الْمُدَّيْنِ فَتَلْزَمُ الْمُفَاضَلَةُ أَوْ مِثْلُهُ فَالْمُمَاثَلَةُ مَجْهُولَةٌ؛ لِأَنَّهَا تَعْتَمِدُ التَّقْوِيمَ وَهُوَ تَخْمِينٌ قَدْ يَخْطَأُ.
فَإِنْ قِيلَ: يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا قَالُوهُ فِي الصُّلْحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَخَمْسُونَ دِينَارًا ذَهَبًا فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ جَازَ. .
أُجِيبَ بِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي بَيْعِ الْعَيْنِ بِخِلَافِ مَا فِي الصُّلْحِ، وَتَعَدُّدُ الْعَقْدِ هُنَا بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي كَاتِّحَادِهِ بِخِلَافِ تَعَدُّدِهِ بِتَفْصِيلِ الْعَقْدِ، بِأَنْ جَعَلَ فِي بَيْعِ مُدٍّ وَدِرْهَمٍ بِمِثْلِهِمَا الْمُدَّ فِي مُقَابَلَةِ الْمُدِّ أَوْ الدِّرْهَمِ، وَالدِّرْهَمَ فِي مُقَابَلَةِ الدِّرْهَمِ أَوْ الْمُدِّ، وَخَرَجَ بِقَوْلِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute