للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَصَحُّ أَنَّ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةَ الْمُشْتَرِي بِالْإِعْتَاقِ.

ــ

[مغني المحتاج]

وَالثَّانِي: لَا يَصِحَّانِ كَمَا لَوْ شُرِطَ بَيْعُهُ أَوْ هِبَتُهُ. وَالثَّالِثُ: يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ كَمَا فِي النِّكَاحِ. أَمَّا إذَا شَرَطَ إعْتَاقَهُ عَنْ الْبَائِعِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ، وَخَرَجَ بِإِعْتَاقِ الْمَبِيعِ شَرْطُ إعْتَاقِ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ مَعَهُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهِ وَشُرِطَ إعْتَاقُ بَعْضِهِ. نَعَمْ إنْ عَيَّنَ الْمِقْدَارَ الْمَشْرُوطَ فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الصِّحَّةُ، وَلَوْ بَاعَ بَعْضَهُ بِشَرْطِ إعْتَاقِ ذَلِكَ الْبَعْضِ صَحَّ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَهْجَةِ كَالْحَاوِي. وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ كَانَ الْمَشْرُوطُ إعْتَاقَهُ قَرِيبَهُ الَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ كَأَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ لِتَعَذُّرِ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ قَبْلَ إعْتَاقِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ وَيَكُونُ شَرْطُهُ تَوْكِيدًا لِلْمَعْنَى. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ شِرَاءَ مَنْ أُقِرَّ بِحُرِّيَّتِهِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ كَشِرَاءِ الْقَرِيبِ، وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا اهـ.

وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (وَالْأَصَحُّ) عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةَ الْمُشْتَرِي بِالْإِعْتَاقِ) ، وَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ فِيهِ لَيْسَ لَهُ بَلْ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَالْمُلْتَزِمِ بِالنَّذْرِ؛ لِأَنَّهُ لُزِمَ بِاشْتِرَاطِهِ، وَيُثَابُ عَلَى شَرْطِهِ فَلَهُ غَرَضٌ فِي تَحْصِيلِهِ، وَلِذَلِكَ قَدْ يُتَسَامَحُ فِي الثَّمَنِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلِمَ لَا يُقَالُ لِلْآحَادِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ حِسْبَةً، لَا سِيَّمَا عِنْدَ مَوْتِ الْبَائِعِ أَوْ جُنُونِهِ. وَالثَّانِي: لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. فَإِنْ قُلْنَا: الْعِتْقُ حَقٌّ لِلْبَائِعِ، فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ قَطْعًا وَلَوْ أَسْقَطَ الْبَائِعُ حَقَّهُ سَقَطَ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا لَوْ شَرَطَ رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا ثُمَّ عَفَا عَنْهُ، وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْإِعْتَاقِ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا مَرَّ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ أَعْتَقَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي، وَقِيلَ يَحْبِسُهُ حَتَّى يَعْتِقَهُ. أَمَّا إذَا قُلْنَا الْحَقُّ فِيهِ لِلْبَائِعِ لَمْ يُجْبِرْهُ بَلْ يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ، وَإِذَا أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ الْحَاكِمُ عَنْهُ فَالْوَلَاءُ لَهُ، وَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ فِيهِ لِلْبَائِعِ، وَلِلْمُشْتَرِي قَبْلَ الْعِتْقِ اسْتِخْدَامُهُ وَأَكْسَابُهُ وَقِيمَتُهُ إنْ قُتِلَ وَلَا يُكَلَّفُ صَرْفَهَا إلَى عِتْقِ غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرَى أَمَةً كَانَ لَهُ وَطْؤُهَا عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ أَوْلَدَهَا لَمْ يُجْزِهِ عَنْ الْإِعْتَاقِ بَلْ عَلَيْهِ إعْتَاقُهَا وَلَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ وَلَوْ بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ مُتَعَيَّنٌ عَلَيْهِ، وَلَا الْإِجَارَةُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ جَنَى قَبْلَ إعْتَاقِهِ لَزِمَهُ فِدَاؤُهُ كَأُمِّ الْوَلَدِ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَمْ يُجْزِهِ عَنْهَا، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ الْبَائِعُ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْعِتْقَ بِجِهَةِ الشَّرْطِ فَلَا يُصْرَفُ إلَى غَيْرِهَا كَمَا لَا يُعْتَقُ الْمَنْذُورُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِعْتَاقُ فَوْرًا وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ إذَا طَلَبَهُ مِنْهُ الْحَاكِمُ أَوْ الْبَائِعُ أَوْ ظَنَّ فَوَاتَهُ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ، فَلَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ إعْتَاقِهِ فَالْقِيَاسُ أَنَّ وَارِثَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ، هَذَا ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ مَنْ اسْتَوْلَدَهَا. أَمَّا مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>