وَالشُّفْعَةُ
وَالْإِجَارَةُ وَالْمُسَاقَاةُ وَالصَّدَاقُ فِي الْأَصَحِّ.
وَيَنْقَطِعُ بِالتَّخَايُرِ بِأَنْ يَخْتَارَا لُزُومَهُ فَلَوْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا سَقَطَ حَقُّهُ وَبَقِيَ لِلْآخَرِ.
ــ
[مغني المحتاج]
الْأَصَحُّ أَنَّهَا بَيْعٌ فَيَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارُ، وَعَدَّهُ فِي الْمُهِمَّاتِ تَنَاقُضًا، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ مَا هُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا هِبَةٌ، وَإِنْ قُيِّدَتْ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ، وَمَا هُنَاكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُقَيَّدَةَ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ بَيْعٌ، وَيُؤَيِّدُهُ تَعْلِيلُهُمْ هُنَا بِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا، وَالصَّوَابُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: مَا هُنَاكَ وَهُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ هُنَا، فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُمْ.
(وَ) كَذَا (الشُّفْعَةُ) لَا يَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارُ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ فِيمَا مُلِكَ بِالِاخْتِيَارِ فَلَا مَعْنَى لِإِثْبَاتِهِ فِيمَا أُخِذَ بِالْقَهْرِ وَالْإِجْبَارِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ ثُبُوتُهُ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِهَا مُلْحَقٌ بِالْمُعَاوَضَاتِ بِدَلِيلِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَصَحَّحَ هَذَا الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحَيْنِ وَاسْتُدْرِكَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَصَحَّحَ الْأَوَّلَ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ.
(وَ) كَذَا (الْإِجَارَةُ) لَا يَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارُ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ غَرَرٍ، إذْ هُوَ عَقْدٌ عَلَى مَعْدُومٍ، وَالْخِيَارُ غَرَرٌ فَلَا يُضَمَّ غَرَرٌ إلَى غَرَرٍ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارُ، لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ.
قَالَ الْقَفَّالُ وَطَائِفَةٌ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ. أَمَّا إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَيَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارُ قَطْعًا كَالسَّلَمِ وَالْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّلَمِ بِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا، وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْخِيَارِ اسْمُ الْبَيْعِ وَبِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ فِيهِ أَقْوَى. وَقِيلَ يَثْبُتُ أَيْضًا فِي الْإِجَارَةِ الْمُقَدَّرَةِ بِمُدَّةٍ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ (وَ) كَذَا (الْمُسَاقَاةُ) لَا يَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارُ فِي الْأَصَحِّ كَالْإِجَارَةِ حُكْمًا وَتَعْلِيلًا (وَ) كَذَا (الصَّدَاقُ) لَا يَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارُ وَقَوْلُهُ (فِي الْأَصَحِّ) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الْخَمْسِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَوَجْهُ عَدَمِ إثْبَاتِهِ فِي الصَّدَاقِ أَنَّ الْمَالَ تَبَعٌ فِي النِّكَاحِ لَا مَقْصُودٌ، وَوَجْهُ إثْبَاتِهِ أَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ، وَمِثْلُ الصَّدَاقِ عِوَضُ الْخُلْعِ.
(وَيَنْقَطِعُ) خِيَارُ الْمَجْلِسِ (بِالتَّخَايُرِ) مِنْ الْعَاقِدَيْنِ (بِأَنْ يَخْتَارَا لُزُومَهُ) أَيْ الْعَقْدِ بِهَذَا اللَّفْظِ كَقَوْلِهِمَا: تَخَايَرْنَا أَوْ اخْتَرْنَا أَوْ غَيْرِهِ كَقَوْلِهِمَا: أَمْضَيْنَا الْعَقْدَ أَوْ أَلْزَمْنَاهُ أَوْ أَجَزْنَاهُ أَوْ أَبْطَلْنَا الْخِيَارَ أَوْ أَفْسَدْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُمَا فَيَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِمَا كَخِيَارِ الشَّرْطِ (فَلَوْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا) لُزُومَهُ (سَقَطَ حَقُّهُ) مِنْ الْخِيَارِ (وَبَقِيَ) الْحَقُّ فِيهِ (لِلْآخَرِ) كَخِيَارِ الشَّرْطِ، وَقِيلَ: لَا يَبْقَى لِأَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ لَا يَتَبَعَّضُ فِي الثُّبُوتِ فَلَا يَتَبَعَّضُ فِي السُّقُوطِ. لَكِنْ عَلَى الْأَوَّلِ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَاخْتَارَ الْبَائِعُ سَقَطَ خِيَارُ الْمُشْتَرِي أَيْضًا لِلْحُكْمِ بِعِتْقِ الْمَبِيعِ قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ بَهْجَتِهِ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اخْتَرْ انْقَطَعَ خِيَارُ الْقَائِلِ، وَلَوْ لَمْ يَخْتَرْ صَاحِبُهُ لِتَضَمُّنِهِ الرِّضَا بِاللُّزُومِ، وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِاخْتِيَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute