للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي أَنْوَاعِ الْبَيْعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَا الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ كَرِبَوِيٍّ وَسَلَمٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

شَرْطُهُ لِأَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِ مُوَكِّلِهِ، وَلَا يَتَجَاوَزُ الْخِيَارُ مَنْ شُرِطَ لَهُ، فَلَوْ شُرِطَ لِلْوَكِيلِ لَمْ يَثْبُتْ لِلْمُوَكِّلِ وَبِالْعَكْسِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ مُوَكِّلُهُ وَأَطْلَقَ بِأَنْ لَمْ يَقُلْ لِي وَلَا لَكَ فَاشْتَرَطَهُ الْوَكِيلُ وَأَطْلَقَ ثَبَتَ لَهُ دُونَ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ أَحْكَامِ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِهِ وَحْدَهُ، وَلَا يَلْزَمُ الْعَقْدُ بِرِضَا الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ مَنُوطٌ بِرِضَا وَكِيلِهِ، وَلَوْ بَاعَ مُسْلِمٌ عَبْدًا مُسْلِمًا لِمُسْلِمٍ وَجَعَلَ الْخِيَارَ لِكَافِرٍ أَوْ بَاعَ حَلَالٌ لِحَلَالٍ صَيْدًا وَجَعَلَ الْخِيَارَ لِمُحْرِمٍ صَحَّ فِيهِمَا كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ خِلَافًا لِوَالِدِهِ، إذْ لَا مِلْكَ وَلَا وِلَايَةَ، وَحَيْثُ ثَبَتَ لِلْوَكِيلِ الْخِيَارُ لَا يَفْعَلُ إلَّا مَا فِيهِ حَظُّ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ الْمَشْرُوطِ لَهُ الْخِيَارُ لَا يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ الْحَظِّ، وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِعَزْلِ الْمُوَكِّلِ وَكِيلَهُ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَلَا بِمَوْتِ الْوَكِيلِ وَلَا الْمُوَكِّلِ فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الرُّويَانِيُّ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: لَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا شَرْطُ الْخِيَارِ يُوهِمُ جَوَازَ انْفِرَادِ أَحَدِهِمَا بِالشَّرْطِ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ قُلْتُ مَعَ مُوَافَقَةِ الْآخَرِ وَلَمْ يُرِدْ الْمُصَنِّفُ بَيَانَ الشَّارِطِ لِوُضُوحِهِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْهُمَا، وَإِنَّمَا أَرَادَ بَيَانَ الْمَشْرُوطِ لَهُ لَكِنَّ عِبَارَتَهُ لَا تُوفِي بِمَقْصُودِهِ، فَلَوْ قَالَ: يَجُوزُ شَرْطُهُمَا الْخِيَارَ لَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا لَأَفَادَ مَقْصُودَهُ، وَلَكِنْ يُمْكِنُ رَدُّ عِبَارَتِهِ إلَى الصَّوَابِ كَمَا قَالَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ بِأَنْ لَا يَجْعَلَ قَوْلَهُ لَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا خَبَرًا عَنْ قَوْلِهِ شَرْطُ الْخِيَارِ وَإِنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْخِيَارِ، وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ (فِي أَنْوَاعِ الْبَيْعِ) أَيْ شَرْطُ الْخِيَارِ الْكَائِنِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا ثَابِتٌ فِي أَنْوَاعِ الْبَيْعِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَعِبَارَتُهُ تُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَرْطُهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَتُوهِمُ جَوَازَ اشْتِرَاطِ وَكِيلِ الْبَائِعِ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَجَوَازَ اشْتِرَاطِ وَكِيلِ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ، وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ، وَعُلِمَ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْبَيْعِ أَنَّهُ لَا يَشْرَعُ فِي غَيْرِهِ كَالْفُسُوخِ وَالْعِتْقِ وَالْإِبْرَاءِ وَالنِّكَاحِ وَالْإِجَارَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ (إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَا الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ كَرِبَوِيٍّ وَسَلَمٍ) فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِ لِأَحَدٍ، لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْجِيلَ، وَالْخِيَارُ أَعْظَمُ غَرَرًا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ الْمِلْكِ أَوْ مِنْ لُزُومِهِ.

تَنْبِيهٌ: إنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِثَالَيْنِ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَالرِّبَوِيِّ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ كَالسَّلَمِ، وَأَوْرَدَ عَلَى حَصْرِهِ فِيمَا ذُكِرَ مَسَائِلَ: مِنْهَا الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ، وَمِنْهَا الْحَوَالَةُ إذَا جَعَلْنَاهَا بَيْعًا، وَمِنْهَا مَا إذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ، وَمِنْهَا الْمُصَرَّاةُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ شَرْطُ خِيَارِ الثَّلَاثِ فِيهَا لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الْحَلْبِ وَتَرْكُ الْحَلْبِ يَضُرُّ بِالْبَهِيمَةِ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ طَرْدُهُ فِي كُلِّ حَلُوبٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُصَرَّاةً، إذْ

<<  <  ج: ص:  >  >>