للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ حَدَثَ بَعْدَهُ فَلَا خِيَارَ إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ إلَى سَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ كَقَطْعِهِ بِجِنَايَةٍ سَابِقَةٍ فَيَثْبُتُ الرَّدُّ فِي الْأَصَحِّ، بِخِلَافِ مَوْتِهِ بِمَرَضٍ سَابِقٍ فِي الْأَصَحِّ.

وَلَوْ قُتِلَ بِرِدَّةٍ

ــ

[مغني المحتاج]

الْبَائِعِ، فَكَذَا جُزْؤُهُ وَلَوْ حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ بِسَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ رَضِيَ بِهِ الْمُشْتَرِي، كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِكْرًا مُزَوَّجَةً عَالِمًا فَأَزَالَ الزَّوْجُ بَكَارَتَهَا. قَالَ السُّبْكِيُّ: لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا، وَالْأَقْرَبُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ الرَّدَّ لِرِضَاهُ بِسَبَبِهِ. فَإِنْ قِيلَ: إنَّ هَذِهِ سَتَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ إلَى سَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ. .

أُجِيبَ بِأَنَّ الَّذِي يَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَنَّ الْعَيْبَ إذَا حَدَثَ بَعْدَ الْقَبْضِ بِسَبَبٍ سَابِقٍ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ، وَاَلَّذِي قَالَهُ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ لَوْ حَدَثَ الْعَيْبُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِسَبَبٍ سَابِقٍ رَضِيَ بِهِ الْمُشْتَرِي فَعَلَى كَلَامِ السُّبْكِيّ تُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (وَلَوْ حَدَثَ) الْعَيْبُ (بَعْدَهُ) أَيْ الْقَبْضِ (فَلَا خِيَارَ) فِي الرَّدِّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ صَارَ مِنْ ضَمَانِهِ، فَكَذَا جُزْؤُهُ وَصِفَتُهُ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَمَحَلُّهُ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ.

أَمَّا قَبْلَهُ فَيُبْنَى عَلَى مَا إذَا تَلِفَ حِينَئِذٍ هَلْ يَنْفَسِخُ، وَالْأَرْجَحُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ إنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ انْفَسَخَ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ قُلْنَا: يَنْفَسِخُ: أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ فَحُدُوثُهُ كَوُجُودِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ (إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ إلَى سَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ) عَلَى الْقَبْضِ أَوْ الْعَقْدِ وَيَجْهَلُهُ الْمُشْتَرِي (كَقَطْعِهِ) أَيْ: الْمَبِيعِ، الْعَبْدِ، أَوْ الْأَمَةِ (بِجِنَايَةٍ) أَوْ سَرِقَةٍ (سَابِقَةٍ) عَلَى الْقَبْضِ (فَيَثْبُتُ الرَّدُّ) بِذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ قَطْعَهُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ كَالْمُتَقَدِّمِ، وَفِي مَعْنَى الْقَطْعِ زَوَالُ الْبَكَارَةِ وَاسْتِيفَاءُ الْحَدِّ بِالْجَلْدِ.

وَالثَّانِي لَا يَثْبُتُ بِهِ الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَسَلَّطَ عَلَى التَّصَرُّفِ بِالْقَبْضِ فَيَدْخُلُ الْمَبِيعُ فِي ضَمَانِهِ، وَعَلَى هَذَا يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مُسْتَحِقَّ الْقَطْعِ وَغَيْرَ مُسْتَحِقِّهِ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ فَلَا رَدَّ لَهُ بِهِ جَزْمًا وَلَا أَرْشَ لِدُخُولِهِ فِي الْعَقْدِ عَلَى بَصِيرَةٍ (بِخِلَافِ مَوْتِهِ) أَيْ: الْمَبِيعِ (بِمَرَضٍ سَابِقٍ) عَلَى الْقَبْضِ جَهِلَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا يَثْبُتُ بِهِ لَازِمُ الرَّدِّ الْمُتَعَذِّرِ مِنْ اسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ (فِي الْأَصَحِّ) الْمَقْطُوعِ بِهِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْمَذْهَبِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ يَزْدَادُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى الْمَوْتِ فَلَمْ يَحْصُلْ بِالسَّابِقِ. وَالثَّانِي: يَثْبُتُ اسْتِرْجَاعُ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ السَّابِقَ أَفْضَى إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ سَبَقَ فَيَنْفَسِخُ بِهِ الْبَيْعُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لِلْمُشْتَرِي أَرْشُ الْمَرَضِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الْمَبِيعِ صَحِيحًا وَمَرِيضًا مِنْ الثَّمَنِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ كَمَا فِي التَّذْنِيبِ وَغَيْرِهِ. أَمَّا غَيْرُهُ كَالْحُمَّى الْيَسِيرَةِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهَا الْمُشْتَرِي، فَإِنْ زَادَتْ فِي يَدِهِ وَمَاتَ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ قَطْعًا لِمَوْتِهِ بِمَا حَدَثَ فِي يَدِهِ، وَالْجِرَاحَةُ السَّارِيَةُ كَالْمَرَضِ، وَكَذَا الْحَامِلُ إذَا مَاتَتْ مِنْ الطَّلْقِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِالْمَرَضِ فَلَا شَيْءَ لَهُ جَزْمًا.

(وَلَوْ قُتِلَ) الْمَبِيعُ (بِرِدَّةٍ) أَوْ مُحَارَبَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>