للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ

ــ

[مغني المحتاج]

اشْتَرَاهُ وَاحِدٌ مِنْ وَكِيلِ اثْنَيْنِ أَوْ مِنْ وَكِيلَيْ وَاحِدٍ جَاءَ الْخِلَافُ فِي أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْوَكِيلِ أَوْ الْمُوَكِّلِ وَقَدْ مَرَّ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَلَوْ اشْتَرَى ثَلَاثَةٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَكُلُّ مُشْتَرٍ مِنْ كُلِّ تِسْعَةٍ؛ وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنْ تَضْرِبَ عَدَدَ الْبَائِعِينَ فِي عَدَدِ الْمُشْتَرِينَ عِنْدَ التَّعَدُّدِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا عِنْدَ الِانْفِرَادِ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَمَا حَصَلَ فَهُوَ عَدَدُ الْعُقُودِ، وَلَوْ اشْتَرَى بَعْضَ عَبْدٍ ثُمَّ عَلِمَ الْعَيْبَ بَعْدَمَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ: كَأَنْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ أَوْ رَهَنَهُ ثُمَّ اشْتَرَى بَاقِيَهُ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ الْبَعْضُ الْأَوَّلُ كَانَ لَهُ رَدُّهُ دُونَ الثَّانِي: لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ عَالِمًا بِعَيْبِهِ.

(وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ) وَحُدُوثِهِ، كَأَنْ قَالَ كُلٌّ لِلْآخَرِ حَدَثَ عِنْدَك وَدَعْوَاهُمَا فِيهِ مُمْكِنَةٌ بِأَنْ اُحْتُمِلَ قِدَمُهُ وَحُدُوثُهُ كَبَرَصٍ (صُدِّقَ الْبَائِعُ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَيْبِ (بِيَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِ الْمُشْتَرِي، فَالْبَائِعُ يَدَّعِي الْحُدُوثَ وَيُتَصَوَّرُ أَنْ يَدَّعِي قِدَمَهُ، وَهُوَ فِيمَا إذَا بَاعَ الْحَيَوَانَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، وَالْحُكْمُ فِيهَا كَالْأَوَّلِ عَلَى الظَّاهِرِ، وَقِيلَ الْمُصَدَّقُ فِي هَذِهِ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا صَدَّقْنَا الْبَائِعَ بِيَمِينِهِ فِي الْأُولَى لَا يَثْبُتُ بِيَمِينِهِ حُدُوثُ الْعَيْبِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا صَلُحَتْ لِلدَّفْعِ عَنْهُ، فَلَا تَصْلُحُ لِشَغْلِ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي، فَلَوْ فُسِخَ الْبَيْعُ مَثَلًا بِتَحَالُفٍ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَرْشُ الْعَيْبِ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْلِفَ الْآنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَادِثٍ، قَالَهُ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ أَمَّا مَا لَا يُحْتَمَلُ حُدُوثُهُ بَعْدَ الْبَيْعِ كَإِصْبَعٍ زَائِدَةٍ وَشَيْنِ شَجَّةٍ مُنْدَمِلَةٍ، وَقَدْ جَرَى الْبَيْعُ أَمْسِ أَوْ لَا يُحْتَمَلُ قِدَمُهُ كَشَجَّةٍ طَرِيَّةٍ وَقَدْ جَرَى الْبَيْعُ وَالْقَبْضُ مِنْ سَنَةٍ مَثَلًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي الْأُولَى وَقَوْلُ الْبَائِعِ فِي الثَّانِيَةِ بِلَا يَمِينٍ فِيهِمَا.

تَنْبِيهٌ لَوْ بَاعَهُ عَصِيرًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فَوُجِدَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي خَمْرًا فَقَالَ الْبَائِعُ: عِنْدَك صَارَ خَمْرًا وَقَالَ الْمُشْتَرِي: بَلْ عِنْدَك كَانَ خَمْرًا وَأَمْكَنَ كُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ مِنْ اسْتِمْرَارِ الْعَقْدِ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى: مَا لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي وُجُودَ عَيْبَيْنِ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَاعْتَرَفَ بِأَحَدِهِمَا، وَادَّعَى حُدُوثَ الْآخَرِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الرَّدَّ يَثْبُتُ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ بِأَحَدِهِمَا فَلَا يَبْطُلُ بِالشَّكِّ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ عَنْ النَّصِّ.

قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ نَكَلَ لَمْ تُرَدَّ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُرَدُّ إذَا كَانَتْ تُثْبِتُ لِلْمَرْدُودِ عَلَيْهِ حَقًّا وَلَا حَقَّ لَهُ هُنَا، وَلَكِنْ لَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ.

الثَّانِيَةِ: لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا غَائِبًا وَكَانَ قَدْ رَآهُ وَأَبْرَأَ الْبَائِعَ مِنْ عَيْبٍ بِهِ ثُمَّ أَتَاهُ بِهِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: قَدْ زَادَ الْعَيْبُ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ، فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ عِلْمَهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَلَمْ يُقْبَلْ كَادِّعَائِهِ اطِّلَاعِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>