وَسُنَنُهُ السِّوَاكُ عَرْضًا بِكُلِّ خَشِنٍ
ــ
[مغني المحتاج]
حَدَثٍ ثُمَّ عَلِمَ تَرْكَ مَسْحِ طَهَارَةٍ مُبْهَمَةٍ أَعَادَ صَلَاةَ طَهَارَاتِ الْحَدَثِ وَكَذَا غَيْرُهَا، وَيَصِحُّ وُضُوءُ مَنْ عَلَى بَعْضِ بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ لَا يَعْرِفُ مَوْضِعَهَا خِلَافًا لِلْقَاضِي، وَلَوْ بَانَ بَعْدَ فَرَاغِهِ تَرْكُ ظُفْرٍ فَقَطَعَهُ وَجَبَ غَسْلُ مَا ظَهَرَ بِقَطْعِهِ وَمَا بَعْدَهُ، وَفِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ يَجِبُ غَسْلُهُ فَقَطْ.
ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ الْأَرْكَانِ شَرَعَ فِي بَعْضِ السُّنَنِ، فَقَالَ (وَسُنَنُهُ) أَيْ الْوُضُوءِ: أَيْ وَمِنْ سَنَتِهِ (السِّوَاكُ) وَهُوَ لُغَةً: الدَّلْكُ وَآلَتُهُ، وَشَرْعًا اسْتِعْمَالُ عُودٍ أَوْ نَحْوِهِ كَأُشْنَانٍ فِي الْأَسْنَانِ وَمَا حَوْلَهَا. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ» أَيْ أَمْرَ إيجَابٍ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ، وَتَعْلِيقَاتُهُ هَكَذَا صَحِيحَةٌ، وَمَحَلُّهُ فِي الْوُضُوءِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَابْنُ النَّقِيبِ فِي عُمْدَتِهِ بَعْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ، وَكَلَامُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ يَمِيلُ إلَيْهِ وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ كَالْمَاوَرْدِيِّ وَالْقَفَّالِ (١) مَحَلُّهُ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي نُكَتِهِ: أَوْ مَعَهَا مُخَالِفًا لِمَا فِي عُمْدَتِهِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَإِذَا تَرَكَهُ أَوَّلَهُ أَرَى أَنْ يَأْتِيَ بِهِ فِي أَثْنَائِهِ كَالتَّسْمِيَةِ وَأَوْلَى. قَالَ: وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا اهـ.
وَهُوَ حَسَنٌ، وَقَضِيَّةُ تَخْصِيصِهِمْ الْوُضُوءَ بِالذِّكْرِ أَنَّهُ لَا يَطْلُبُ السِّوَاكَ لِلْغَسْلِ، وَإِنْ طُلِبَ بِكُلِّ حَالٍ، قِيلَ: وَلَعَلَّ سَبَبَ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءُ بِاسْتِحْبَابِهِ فِي الْوُضُوءِ الْمَسْنُونِ فِيهِ، وَسُنَّ كَوْنُهُ (عَرْضًا) أَيْ فِي عَرْضِ الْأَسْنَانِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فِي طُولِ الْفَمِ لِخَبَرِ «إذَا اسْتَكْتُمْ فَاسْتَاكُوا عَرْضًا» (٢) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ، وَيُجْزِئُ طُولًا لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ قَدْ يُدْمِي اللِّثَةَ وَيُفْسِدُ لَحْمَ الْأَسْنَانِ، وَقِيلَ: إنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَاكُ طُولًا. أَمَّا اللِّسَانُ فَيُسَنُّ أَنْ يَسْتَاكَ فِيهِ طُولًا كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، وَاسْتَدَلَّ بِخَبَرٍ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَيَحْصُلُ (بِكُلِّ خَشِنٍ) مُزِيلٍ لِلْقَلَحِ طَاهِرٍ كَعُودٍ مِنْ أَرَاكٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ خِرْقَةٍ أَوْ أُشْنَانٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ، لَكِنَّ الْعُودَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ، وَالْأَرَاكُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْعِيدَانِ.
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: كُنْتُ أَجْتَنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute