للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَظْهَرُ أَنَّ إتْلَافَ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَفْسَخُ، بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَنْ يُجِيزَ وَيَغْرَمُ الْأَجْنَبِيُّ أَوْ يَفْسَخَ فَيَغْرَمُ الْبَائِعُ الْأَجْنَبِيُّ.

وَلَوْ تَعَيَّبَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَرَضِيَهُ أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ، وَلَوْ عَيَّبَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا خِيَارَ أَوْ الْأَجْنَبِيُّ فَالْخِيَارُ، فَإِنْ أَجَازَ غَرِمَ الْأَجْنَبِيُّ الْأَرْشَ،

ــ

[مغني المحتاج]

فَقَدْ مَرَّ أَنَّ إتْلَافَهُ كَالْآفَةِ بِخِلَافِ إتْلَافِ دَابَّةِ الْمُشْتَرِي، فَنَزَلَ إتْلَافُهَا بِالنَّهَارِ مَنْزِلَةَ إتْلَافِ الْبَائِعِ لِتَفْرِيطِهِ بِخِلَافِهِ لَيْلًا.

فَإِنْ قِيلَ: إتْلَافُهَا لَيْلًا إمَّا بِتَقْصِيرِ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ قَبْضًا أَوْ لَا فَيَكُونُ كَالْآفَةِ فَيَنْفَسِخُ بِهِ الْبَيْعُ فَلَا وَجْهَ لِتَخْيِيرِهِ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ بِتَقْصِيرِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَهَا أَمْ لَا. وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ إتْلَافُهَا صَالِحًا لِلْقَبْضِ خُيِّرَ، فَإِنْ أَجَازَ فَقَابِضٌ أَوْ فَسَخَ طَالَبَهُ الْبَائِعُ بِالْبَدَلِ كَمَا تَقَرَّرَ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ إتْلَافَ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَفْسَخُ) الْبَيْعَ لِقِيَامِ الْبَدَلِ مَقَامَ الْمَبِيعِ (بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي) بِهِ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَفَّالِ، وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْقَاضِي (بَيْنَ أَنْ يُجِيزَ) الْبَيْعَ (وَيَغْرَمَ الْأَجْنَبِيُّ) الْبَدَلَ (أَوْ يَفْسَخَ فَيَغْرَمُ الْبَائِعُ الْأَجْنَبِيُّ) الْبَدَلَ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِهَذَا، وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ كَالتَّلَفِ بِآفَةٍ.

وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي حِكَايَةِ الطَّرِيقَيْنِ، فَلَوْ حَذَفَ لَفْظَةَ " الْأَظْهَرُ " لَكَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ، وَهَذَا الْخِيَارُ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ وَفِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَجْنَبِيُّ حَرْبِيًّا وَلَمْ يَكُنْ إتْلَافُهُ بِحَقٍّ وَإِلَّا فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ.

فَإِنْ قِيلَ إذَا غَصَبَ أَجْنَبِيٌّ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَلَمْ يُخَيَّرْ الْمُسْتَأْجِرُ كَمَا هُنَا.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هَذَا الْمَالُ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْجَانِي فَتَعَدَّى الْعَقْدُ مِنْ الْعَيْنِ إلَى بَدَلِهَا بِخِلَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ الْمَنْفَعَةُ وَهِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى مُتْلِفِهَا فَلَمْ يَتَعَدَّ الْعَقْدُ مِنْهَا إلَى بَدَلِهَا.

(وَلَوْ تَعَيَّبَ) الْمَبِيعُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ (قَبْلَ الْقَبْضِ فَرَضِيَهُ) بِأَنْ أَجَازَ الْبَيْعَ (أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ) كَمَا لَوْ كَانَ الْعَيْبُ مُقَارَنًا وَلَا أَرْشَ لَهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْفَسْخِ (وَلَوْ عَيَّبَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا خِيَارَ) لَهُ لِحُصُولِهِ بِفِعْلِهِ فَيَمْتَنِعُ بِسَبَبِهِ الرَّدُّ الْقَهْرِيُّ بِالْعُيُوبِ الْقَدِيمَةِ وَيَكُونُ قَابِضًا لِمَا أَتْلَفَهُ، فَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ مَثَلًا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ حِصَّتُهَا مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا، هَذَا إذَا مَاتَ عِنْدَ الْبَائِعِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ، فَإِنْ سَرَى وَجَبَ الثَّمَنُ لِمَا مَرَّ أَنَّ إتْلَافَهُ قَبْضٌ، وَبِهَذَا فَارَقَ ثُبُوتَ الْخِيَارِ فِيمَا لَوْ عَيَّبَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ وَمَا لَوْ جَبَّتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرَ زَوْجِهَا، إذْ لَا يُتَخَيَّلُ أَنَّ ذَلِكَ قَبْضٌ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ وَالْمَرْأَةَ لَمْ يَتَصَرَّفَا فِي مِلْكِهِمَا، بَلْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّهُمَا فَلَا يَكُونَانِ بِذَلِكَ مُسْتَوْفِيَيْنِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي (أَوْ) عَيَّبَهُ (الْأَجْنَبِيُّ) غَيْرُ الْحَرْبِيِّ بِغَيْرِ حَقٍّ (فَالْخِيَارُ) بِتَعْيِيبِهِ ثَابِتٌ لِلْمُشْتَرِي قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْإِتْلَافِ (فَإِنْ أَجَازَ) الْبَيْعَ (غَرِمَ الْأَجْنَبِيُّ الْأَرْشَ) ؛ لِأَنَّهُ الْجَانِي وَلَكِنْ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ. أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا لِجَوَازِ تَلَفِهِ فَيَنْفَسِخُ الْمَبِيعُ؛ وَالْمُرَادُ بِالْأَرْشِ فِي الرَّقِيقِ مَا يَأْتِي فِي الدِّيَاتِ، فَفِي يَدِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لَا مَا نَقَصَ مِنْهُ، وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>