للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ، وَالْجَدِيدُ جَوَازُ الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الثَّمَنِ،

ــ

[مغني المحتاج]

فَائِدَتَهُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ قَسَّمَ الْأَمَانَةَ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ ضَمَانَ يَدٍ فَلَا يَنْحَصِرُ فِي الْأَمَانَةِ وَلَكِنْ لَا يَنْحَصِرُ فِيمَا ذَكَرَهُ، بَلْ مَا رَجَعَ إلَيْهِ بِفَسْخِ عَقْدٍ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ بَاقٍ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ رَدِّ الثَّمَنِ لَهُ وَمَقْبُوضٌ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ لِفَوَاتِ شَرْطٍ أَوْ نَحْوِهِ وَرَأْسُ مَالٍ سَلَمٍ فُسِخَ لِانْقِطَاعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ غَيْرِهِ وَمَغْصُوبٌ يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

تَنْبِيهٌ: فَصَّلَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي بَيْعِ الْعَارِيَّةِ، فَقَالَ: إنْ أَمْكَنَ الرَّدُّ كَالدَّارِ وَالدَّابَّةِ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَالْأَرْضِ غُرِسَتْ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ فِي الْأَصَحِّ لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ، وَاسْتِرْجَاعُهَا غَيْرُ مُمْكِنٍ إلَّا بِبَذْلِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ أَوْ أَرْشِ النَّقْصِ، وَذَلِكَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي. اهـ. وَيُحْمَلُ إطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ.

فَرْعٌ: لَوْ أَفْرَزَ السُّلْطَانُ لِشَخْصٍ عَطَاءً وَرَضِيَ بِهِ جَازَ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِلرِّفْقِ بِالْجُنْدِ؛ وَلِأَنَّ يَدَ السُّلْطَانِ فِي الْحَظِّ لِلْمُفْرِزِ يَدُ الْمُفْرَزِ لَهُ، وَيَصِحُّ بَيْعُ أَحَدِ الْغَانِمَيْنِ لِقَدْرٍ مَعْلُومٍ مَلَكَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ شَائِعًا، وَيَصِحُّ بَيْعُ مَوْهُوبٍ رَجَعَ فِيهِ الْوَالِدُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَهُ بَيْعُ مَقْسُومٍ قِسْمَةَ إفْرَازٍ قَبْلَ قَبْضِهِ، بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْبَيْعِ لَيْسَ لَهُ بَيْعُ مَا صَارَ لَهُ فِيهَا مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَا بَيْعُ شِقْصٍ أَخَذَهُ بِشُفْعَةٍ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِهَا مُعَاوَضَةٌ، وَلَهُ بَيْعُ ثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ قَبْلَ أَخْذِهِ، وَكَذَا سَائِرُ غَلَّاتِ وَقْفٍ حَصَلَتْ لِجَمَاعَةٍ وَعَرَفَ كُلٌّ قَدْرَ حِصَّتِهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ.

(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ) قَبْلَ قَبْضِهِ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ، وَالْمَبِيعُ الثَّابِتُ فِي الذِّمَّةِ إذَا عُقِدَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَمِ لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ سَلَمٍ عَلَى الصَّحِيحِ، وَتَنَاقَضَ فِي ذَلِكَ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الصِّحَّةِ (وَالْجَدِيدُ جَوَازُ الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الثَّمَنِ) الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقْدًا لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ: «كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّنَانِيرَ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ إذَا تَفَرَّقْتُمْ وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

وَسَوَاءٌ أَقَبَضَ الثَّمَنَ أَمْ لَا، فَقَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ " وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ " أَيْ: مِنْ عَقْدِ الِاسْتِبْدَالِ لَا مِنْ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ بِقَرِينَةِ رِوَايَةٍ أُخْرَى تَدُلُّ لِذَلِكَ، وَالْقَدِيمُ الْمَنْعُ لِعُمُومِ النَّهْيِ السَّابِقِ لِذَلِكَ، وَلِلْمَضْمُونَاتِ ضَمَانُ الْعُقُودِ كَبَدَلِ خُلْعٍ وَصَدَاقٍ وَأُجْرَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>