فَإِنْ جَرَى الْبَيْعُ بِمَوْضِعٍ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ كَفَى نَقْلَهُ إلَى حَيِّزٍ،
ــ
[مغني المحتاج]
«كُنَّا نَشْتَرِي الطَّعَامَ جِزَافًا فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانِهِ» ، وَقِيسَ بِالطَّعَامِ غَيْرُهُ فَيَأْمُرُ الْعَبْدَ بِالِانْتِقَالِ مِنْ مَوْضِعِهِ وَيَسُوقُ الدَّابَّةَ أَوْ يَقُودُهَا، وَلَا يَكْفِي رُكُوبُهَا وَاقِفَةً، وَلَا اسْتِعْمَالُ الْعَبْدِ كَذَلِكَ، وَلَا وَطْءُ الْجَارِيَةِ "، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ: لَوْ رَكِبَ الْمُشْتَرِي الدَّابَّةَ أَوْ جَلَسَ عَلَى الْفِرَاشِ حَصَلَ الضَّمَانُ، ثُمَّ إنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهُ وَإِلَّا فَلَا صَحِيحٌ فِي الضَّمَانِ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي التَّصَرُّفِ، وَيَكْفِي فِي قَبْضِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُتَنَاوَلُ بِالْيَدِ التَّنَاوُلُ، وَمَرَّ أَنَّ بَيْعَ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أَوَانِ الْجُدَادِ يَكْفِي فِيهِ التَّخْلِيَةُ، وَكَذَا بَيْعُ الزَّرْعِ فِي الْأَرْضِ، وَأَنَّ إتْلَافَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْضٌ لَهُ، فَيُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ هُنَا، وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا الْقِسْمَةُ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَحْوِيلِ الْمَقْسُومِ، وَلَوْ جَعَلْنَا الْقِسْمَةَ بَيْعًا إذْ لَا ضَمَانَ فِيهَا حَتَّى يَسْقُطَ بِالْقَبْضِ.
تَنْبِيهٌ: يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالنَّقْلِ أَنَّ الدَّابَّةَ مَثَلًا لَوْ تَحَوَّلَتْ بِنَفْسِهَا ثُمَّ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ وَهُوَ كَذَلِكَ سَوَاءٌ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ أَوْ بِإِذْنِهِ لِمَا مَرَّ أَنْ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ فِي الْغَصْبِ ضَعِيفٌ وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي أَمَانَةً أَوْ مَضْمُونًا وَهُوَ حَاضِرٌ وَلَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ صَارَ مَقْبُوضًا بِنَفْسِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ بَاعَ شَجَرَةً بِشَرْطِ الْقَطْعِ كَفَى فِيهَا التَّخْلِيَةُ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، وَلَوْ اشْتَرَى الْأَمْتِعَةَ مَعَ الدَّارِ صَفْقَةً اشْتَرَطَ فِي قَبْضِهَا نَقْلَهَا كَمَا لَوْ أُفْرِدَتْ، وَقِيلَ: لَا تَبَعًا لِقَبْضِ الدَّارِ، وَلَوْ اشْتَرَى صُبْرَةً ثُمَّ اشْتَرَى مَكَانَهَا لَمْ يَكْفِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فِي دَارِهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نَقْلِهِ، وَمَا فَرَّقَ بِهِ بَيْنَهُمَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَالسَّفِينَةُ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْوِيلِهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الصَّغِيرَةِ وَفِي الْكَبِيرَةِ فِي مَاءٍ تَسِيرُ فِيهِ. أَمَّا الْكَبِيرَةُ فِي الْبَرِّ فَكَالْعَقَارِ فَيَكْفِي فِيهَا التَّخْلِيَةُ لِعُسْرِ النَّقْلِ، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ تَفْرِيغِهَا مِنْ أَمْتِعَةِ الْبَائِعِ وَنَحْوِهِ، وَلَوْ بِيعَ ظَرْفٌ دُونَ مَظْرُوفِهِ اُشْتُرِطَ فِي تَسْلِيمِهِ تَفْرِيغُهُ كَالسَّفِينَةِ، وَكَذَا كُلُّ مَنْقُولٍ لَا بُدَّ مِنْ تَفْرِيغِهِ (فَإِنْ جَرَى الْبَيْعُ) فِي أَيِّ مَكَان كَانَ وَالْمَبِيعُ (بِمَوْضِعٍ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ) بِأَنْ اخْتَصَّ بِالْمُشْتَرِي بِمِلْكٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَتَحَجُّرٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْإِحْيَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، أَوْ لَمْ يَخْتَصَّ بِأَحَدٍ كَمَوَاتٍ وَشَارِعٍ وَمَسْجِدٍ (كَفَى) فِي قَبْضِهِ (نَقْلَهُ) مِنْ حَيِّزٍ (إلَى حَيِّزٍ) آخَرَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْمَغْصُوبَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَالْمُشْتَرَكَ بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute