وَلِعَمْرٍو عَلَيْهِ مِثْلُهُ فَلْيَكْتَلْ لِنَفْسِهِ ثُمَّ يَكِيلُ لِعَمْرٍو، فَلَوْ قَالَ اقْبِضْ مِنْ زَيْدٍ مَا لِي عَلَيْهِ لِنَفْسِكَ فَفَعَلَ فَالْقَبْضُ فَاسِدٌ.
ــ
[مغني المحتاج]
وَلِعَمْرٍو عَلَيْهِ مِثْلُهُ فَلْيَكْتَلْ) بَكْرٌ (لِنَفْسِهِ) مِنْ زَيْدٍ (ثُمَّ يَكِيلُ لِعَمْرٍو) ؛ لِأَنَّ الْإِقْبَاضَ هُنَا مُتَعَدِّدٌ وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ الْكَيْلُ فَلَزِمَ تَعَدُّدُ الْكَيْلِ، وَلِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِي فِيهِ الصَّاعَانِ كَمَا رُوِيَ مَرْفُوعًا يَعْنِي صَاعَ الْبَائِعِ وَصَاعَ الْمُشْتَرِي. قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْتَحِقُّ عَلَى مَنْ لَهُ عَلَيْهِ الْحَقُّ قَبْضَهُ بِالْكَيْلِ، وَالْكَيْلَانِ قَدْ يَقَعُ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فَلَمْ يَجُزْ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْكَيْلِ الْأَوَّلِ لِجَوَازِ أَنْ لَوْ حَدَّدَهُ لَظَهَرَ فِيهِ تَفَاوُتٌ، فَإِذَا كَالَ لِنَفْسِهِ وَقَبَضَهُ ثُمَّ كَالَهُ لِغَرِيمِهِ فَزَادَ أَوْ نَقَصَ بِقَدْرٍ يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ لَمْ يُؤَثِّرْ فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ لَهُ وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ، أَوْ بِمَا لَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ، فَالْكَيْلُ الْأَوَّلُ غَلَطٌ فَيَرُدُّ بَكْرٌ الزِّيَادَةَ وَيَرْجِعُ بِالنَّقْصِ، وَلَوْ قَبَضَهُ فِي الْمِكْيَالِ وَسَلَّمَهُ لِغَرِيمِهِ فِيهِ صَحَّ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْمِكْيَالِ كَابْتِدَائِهِ. وَقَدْ يُقَالُ فِي الذَّرْعِ كَذَلِكَ (فَلَوْ قَالَ) بَكْرٌ لِعَمْرٍو (اقْبَضْ مِنْ زَيْدٍ مَا لِي عَلَيْهِ لِنَفْسِكَ) أَوْ احْضَرْ مَعِي لِأَقْبِضَهُ أَنَا لَكَ (فَفَعَلَ فَالْقَبْضُ فَاسِدٌ) لَهُ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقَبِّضِ وَضَمِنَهُ الْقَابِضُ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ لِغَرَضِهِ وَبَرِئَ زَيْدٌ مِنْ حَقِّ بَكْرٍ لِإِذْنِهِ فِي الْقَبْضِ مِنْهُ فِي الْأُولَى وَقَبْضِهِ بِنَفْسِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ قَالَ لَهُ اقْبِضْهُ لِي ثُمَّ لِنَفْسِكَ أَوْ احْضَرْ مَعِي لِأَقْبِضَهُ لِي ثُمَّ لَك فَفَعَلَ صَحَّ الْقَبْضُ الْأَوَّلُ، إذْ لَا مَانِعَ مِنْهُ دُونَ الثَّانِي لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقَبِّضِ وَضَمِنَهُ الْقَابِضُ وَبَرِئَ زَيْدٌ مِنْ حَقِّ بَكْرٍ.
فُرُوعٌ: لَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْقَبْضِ مَنْ يَدُهُ يَدُ الْمَقْبُوضِ كَرَقِيقِهِ وَلَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ الْمُقَبِّضَ بِخِلَافِ ابْنِهِ وَأَبِيهِ وَمُكَاتَبِهِ، وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ: وَكِّلْ مَنْ يَقْبِضُ لِي مِنْك، أَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: وَكِّلْ مَنْ يَشْتَرِي لِي مِنْك صَحَّ، وَيَكُونُ وَكِيلًا لَهُ فِي التَّوْكِيلِ فِي الْقَبْضِ أَوْ الشِّرَاءِ مِنْهُ، وَلَوْ وَكَّلَ الْبَائِعُ رَجُلًا فِي الْإِقْبَاضِ وَوَكَّلَهُ الْمُشْتَرِي فِي الْقَبْضِ لَمْ يَصِحَّ تَوْكِيلُهُ لَهُمَا مَعًا لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقَبِّضِ، وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ اشْتَرِ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ مِنْ مِثْلِ مَا تَسْتَحِقُّهُ عَلَيَّ وَاقْبِضْهُ لِي ثُمَّ لِنَفْسِكَ صَحَّ الشِّرَاءُ وَالْقَبْضُ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقَبِّضِ، أَوْ قَالَ: وَاقْبِضْهُ لِنَفْسِكَ فَسَدَ الْقَبْضُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْإِنْسَانِ لَا يَتَمَكَّنُ غَيْرُهُ مِنْ قَبْضِهِ لِنَفْسِهِ وَضَمِنَهُ الْغَرِيمُ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ وَبَرِئَ الدَّافِعُ مِنْ حَقِّ الْمُوَكِّلِ لِإِذْنِهِ فِي الْقَبْضِ مِنْهُ، أَوْ قَالَ: اشْتَرِ بِهَا ذَلِكَ لِنَفْسِكَ فَسَدَتْ الْوَكَالَةُ، إذْ كَيْفَ يَشْتَرِي بِمَالِ الْغَرِيمِ لِنَفْسِهِ وَالدَّرَاهِمُ أَمَانَةٌ بِيَدِهِ؟ فَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِهَا بَطَلَ أَوْ فِي الذِّمَّةِ صَحَّ وَوَقَعَ عَنْهُ وَأَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ، وَلِلْأَبِ وَإِنْ عَلَا أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْقَبْضِ كَمَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْبَيْعِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute