وقوله تعال هنا:{مَثَلُ الْجَنَّةِ} ليس المراد به ضرب المثل لها فحسب، بل المراد به وصفها بالذات وما تكون الجنة عليه فعلا، وكلمة {مَثَلُ} في الآية مبتدأ خبره محذوف مقدم، تقديره " فيما يتلى عليكم صفة الجنة " كما أعربه الإمام سيبويه رحمه الله. وذهب الفراء إلى أن كلمة {مَثَلُ} مبتدأ وقوله تعالى في نفس الآية: {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} جملة خبرية هي خبر عن {مَثَلُ}، وكما جاءت كلمة {مَثَلُ} بهذا المعنى في الآية التي فسرناها وردت أيضا بنفس المعنى في " سورة محمد "، فقال تعالى:{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ}[الآية: ١٥] إلى آخر الآية، فالمراد فيها أيضا بمثل الجنة صفة الجنة.
وقوله تعالى في وصف الجنة {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} تنبيه إلى أن ما فيها من الخيرات والنعم لا انقطاع له ولا فناء، والأكل بضم الهمزة معناه المأكول، ويشبه هذه الآية في المعنى قوله تعالى في آية ثانية:{وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ}[الواقعة: ٣٢، ٣٣]، وقوله تعالى في آية ثالثة:{عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ}[هود: ١٠٨].
وقوله تعالى:{تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ} جار على طريقة القرآن الكريم في الجمع غالبا بين صفة