في حصة هذا اليوم نتناول الربع الثاني من الحزب الرابع والثلاثين في المصحف الكريم، ابتداء من قوله تعالى:{هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} إلى قوله تعالى: {كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ}.
ــ
أعظم ميزة يمتاز بها الوحي الإلهي ومسك ختامه القرآن هو أنه (فرقان)، فرقان يستعين به المؤمن على التفرقة والتمييز بين الحق والباطل، والخير والشر، والهدى والضلال، والسعادة والشقاء، إذ كثيرا ما تختل مقاييس العقل، وتنحرف اتجاهات الفطرة، ولا عاصم لهما من الاختلال والخبال إلا الوحي الإلهي الذي يحميها من الهوى والضلال. فهو المعيار الصادق، لإثبات الحقائق، والطريق المضمون لهداية الخلائق، وها هو كتاب الله يشير في بداية هذا الربع إلى ما يجري عادة في كل جيل من الخصومة والنزاع، والمواجهة والصراع، بين أنصار الحق وأتباع الباطل، إذ من المتعذر أن يقع بين هذين الفريقين ائتلاف والتقاء، ما دام الأولون يعملون جادين لنيل الفوز والسعادة، والآخرون يشقون طريقهم مسرعين نحو الخيبة والشقاء {هَذَانِ