موعدنا في هذه الحصة مع الربع الأخير من الحزب الرابع والأربعين في المصحف الكريم، ابتداء من قوله تعالى في سورة فاطر المكية:{إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا}، إلى قوله تعالى في سورة يس المكية أيضا:{قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ}
ــ
في بداية هذا الربع خص كتاب الله بالذكر ظاهرة كونية كبرى تحار فيها العقول والأفهام، ألا وهي ظاهرة تماسك الكائنات وتجاذبها بعضها مع بعض في السماء والأرض، دون أن تكون مرتكزة على أي شيء، أو معلقة بأي شيء، وذلك بالنسبة لجميع الكواكب والشموس والأجرام، السابحة في أفلاكها في الفضاء، بنظام وانتظام، على مر الليالي والأيام، والقرون والأعوام، مما لا يحيط به علما وعدا، ولا يقوم به صيانة وحفظا، إلا خالقه بديع السماوات والأرض، وذلك ما ينطق به قوله تعالى في إيجاز وإعجاز:{إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ}، قال الفراء: (أي ولو