موضوع حديثنا اليوم تفسير الربع الثالث من الحزب التاسع والأربعين فى المصحف الكريم، ابتداء من قوله تعالى:{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ}، إلى قوله تعالى:{يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ}.
ــ
في بداية هذا الربع يقرر كتاب الله حقيقة كونية طالما غفلت عنها الأنظار، ألا وهي أن الحق سبحانه وتعالى منذ اقتضت مشيئته أن يتكفل برزق الإنسان اقتضت حكمته أن لا يرزقه إلا بحساب، وبقدر محدود، وأن لا يمنحه كل ما يطمع فيه، إذ إن أنانية الإنسان الجامحة، وميله إلى التبذير والإسراف، لا يحدهما شيء، فالإنسان كائن ضعيف تستهويه الملذات، وتغريه المغريات، {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}(٢٨: ٤)، وقلما يعرف التوازن والاعتدال في سلوكه ومطالبه، بل إنه متى استغنى طغى وبغى {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}(٦: ٩٦)، وفقد توازنه،