خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}، لا سيما والخصومة بينهم خصومة في الله، لا تنتهي بالصلح والتراضي إلا إذا تحقق رضا الله، وفي التفسير المأثور ان هذه الآية نزلت في المتبارزين يوم بدر، وهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: حمزة، وعلي، وعبيدة بن الحارث رضي الله عنهم، ومن المشركين: عتبة بن ربيعة، وأخوه شيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، ووقع في صحيح البخاري أن هذه الآية نزلت فيهم، وختم مسلم كتابه الصحيح بقصتهم، والقاعدة المتبعة عند العلماء في مثل هذه الآية:" أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب "، وبذلك تصدق الآية على سبب نزولها، كما تصدق على من يندرج تحت مدلولها، فيكون المراد بالفريقين المتخاصمين من جهة أولى: فريق المؤمنين، ومن جهة أخرى: فريق الكافرين من كل ملة أو دين. وبعموم الآية قال مجاهد وعطاء بن أبي رباح والحسن وغيرهم، ويؤكد معنى العموم ما أشار إليه كتاب الله في أواخر الربع الماضي من أن الله تعالى سيفصل يوم القيامة بين أهل الملل المختلفة، وواضح أنه لا يكون الفصل بينهم إلا في الخصومة القائمة بينهم، وذلك قوله تعالى فيما سبق:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}.
وبعدما وضع كتاب الله أمام الأنظار قصة الفريقين المتخاصمين على وجه الإجمال أوضح المصير الذي يؤول إليه كل فريق بعد الفصل بينهما في الدار الآخرة، فقال تعالى في