للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شأن الكافرين الأشقياء: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}، وقال تعالى في شأن المؤمنين السعداء: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ}.

والتعبير في الآية الأولى " بالثياب من النار " إما أن يحمل على حقيقته، وإما أن يكون استعارة عن إحاطة النار بهم، كما يحيط الثوب بلابسه، ويقابله في الآية الثانية: و " لباسهم فيها حرير. و " الحميم " الماء الحار المغلي بنار جهنم، وعن ابن عباس: " لو سقطت من الحميم نقطة على جبال الدنيا لأذابتها ". ومعنى " يصهر به ما في بطونهم " أي يذاب به، من " الصهر " وهو الإذابة، ويوضحه قوله تعالى في آية أخرى: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد: ١٥]، وكما تذاب الأحشاء تذاب الجلود، مصداقا لقوله تعالى في آية أخرى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء: ٥٦]. والمراد (بالمقامع) المطارق أو السياط وما يشبههما. وقوله تعالى: {وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} أي ويقال لهم ذوقوا، وعبر " بالذوق " الذي هو في الأصل الإحساس بالطعم عن الإحساس بألم الحريق، إمعانا في تبكيتهم على ما أصروا عليه في الدنيا من استهتار واستهزاء، وعناد وعداء.

<<  <  ج: ص:  >  >>